بقلم الإعلامي الدكتور محمد العشي
ببالغ الحزن والأسى، وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، أنعي إليكم أخي وصديقي وزميلي، الصحفي الكبير جهاد أبو بيدر، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، مخلفًا وراءه إرثًا إعلاميًا وإنسانيًا خالدًا.
لقد كان الفقيد جهاد أبو بيدر نموذجًا فريدًا للصحفي الملتزم والمبدع، الذي أمضى أكثر من ثلاثين عامًا في خدمة الكلمة الحرة، مدافعًا عن قضايا الوطن والمواطن، مؤثرًا في مسيرة الإعلام الأردني والعربي. عمل الفقيد في الصحافة اليومية والأسبوعية، وأسهم في تأسيس العديد من المواقع الإخبارية الإلكترونية، تاركًا بصمة واضحة في كل مؤسسة صحفية خاض غمارها، فقد كان للحق دائمًا كلمة، وللعدل دائمًا موقف، وللإنسانية دائمًا احترام.
عرفته عن كثب، فكان الأخ والصديق والرفيق في العمل، صاحب القلب الكبير، والابتسامة التي لا تفارق وجهه، واليد الممدودة دائمًا للمساعدة. لم يكن جهاد مجرد زميل في المهنة، بل كان معلمًا للجيل الجديد من الصحفيين، يشاركهم خبرته، ويزرع فيهم حب الصحافة النزيهة، وضرورة الالتزام بالمهنية في كل كلمة تُكتب، وفي كل خبر يُنقل.
لقد عرف عنه الجرأة في الطرح وصدق المواقف، وهو ما جعله محط احترام كل من تعامل معه، سواء من زملائه في المؤسسات الإعلامية أو من الجمهور الذي وثق بصوته الصادق. كان دائمًا يسعى لتقديم صورة متوازنة وعادلة للأحداث، بعيدًا عن المبالغات أو التحيز، وهو ما ميز مقالاته وتحقيقاته وجعلها مرجعًا للصحافة المهنية.
على المستوى الشخصي، كان جهاد أبو بيدر إنسانًا متواضعًا، كريمًا، وملتزمًا بالقيم الأخلاقية الرفيعة. لم يكن النجاح بالنسبة له مقياسًا للتميز فحسب، بل وسيلة لخدمة الآخرين والمجتمع. كانت محبته للصحافة متجذرة في إيمانه برسالة الإعلام في توعية المجتمع، وتعزيز روح الانتماء الوطني، ودعم القضايا الإنسانية.
لقد فقدنا اليوم قامة صحفية وإنسانية، لكن إرثه سيظل حيًا في ذاكرة كل من عرفه، وسيبقى مثالًا يحتذى به في النزاهة، والمهنية، والوفاء. ستظل مقالاته وتحقيقاته التي كتبها على مدى سنواته الطويلة مرجعًا للأجيال القادمة، وستظل صوره في الصحافة والإعلام شاهدة على جهد رجل كرّس حياته للكلمة الحرة والخدمة العامة.
إن رحيله يمثل خسارة كبيرة لنا جميعًا، ليس فقط على المستوى المهني، بل على المستوى الإنساني أيضًا، فقد كان صديقًا مخلصًا ورفيقًا صادقًا، يقدم دائمًا النصيحة الصائبة، ويزرع التفاؤل والأمل في نفوس من حوله. وكان مثالًا حيًا للتفاني في العمل، والالتزام بالقيم، والرحمة بالآخرين، وهو ما يجعله فريدًا بين الزملاء والصحفيين.
نسأل الله العلي القدير أن يتغمد فقيدنا بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.