أخبار اليوم – تالا الفقيه - قالت الدكتورة عالية الغصون، الأكاديمية والباحثة المتخصصة في هندسة الميكاترونكس، إن التحول نحو الزراعة الرقمية أو ما يُعرف بالزراعة الذكية أصبح ضرورة وطنية ملحّة في الأردن، في ظل شُح الموارد المائية ومحدودية الأراضي الزراعية.
وأوضحت الغصون أن القطاع الزراعي يستهلك نحو 50% من الموارد المائية المتاحة، وهو ما يفرض التحول إلى إدارة الزراعة بالاعتماد على البيانات والتكنولوجيا الحديثة لتقليل الهدر وضمان استدامة الإنتاج.
وبيّنت أن الزراعة الذكية تقوم على استخدام تقنيات متقدمة مثل أجهزة الاستشعار الأرضية، والطائرات بدون طيار "درونز"، ونظم المعلومات الجغرافية، إلى جانب الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الطقس والتربة والنباتات والأسواق، بما يسمح باتخاذ قرارات دقيقة تزيد الإنتاج وتقلل الكُلف وتحافظ على أسعار عادلة لكل من المزارع والمستهلك.
وأضافت أن هذه الأدوات تقدم حلولًا عملية: فأجهزة الاستشعار الأرضية قادرة على قياس رطوبة التربة بدقة وتشغيل أنظمة الري فقط عند الحاجة، ما يوفر ما بين 30–40% من استهلاك المياه. كما يمكن للطائرات بدون طيار مسح الحقول ورصد الأمراض أو الآفات في مراحل مبكرة قبل أن تنتشر، في حين يتيح الذكاء الاصطناعي التنبؤ بالمواسم المثلى للزراعة وتحديد الأصناف الأكثر مقاومة للجفاف والحرارة، بل واقتراح خطط لتوزيع المحاصيل بناءً على الطلب المحلي والأسعار المتوقعة.
وشددت الغصون على أن نجاح الزراعة الذكية لا يتوقف على التكنولوجيا وحدها، بل يتطلب توفير بيئة متكاملة تشمل تدريب المزارعين على استخدام هذه الأدوات، ودعمهم ماليًا، وربطهم بمنصات بيانات وطنية تُجمع فيها المعلومات الزراعية وتُتاح للاستفادة المشتركة.
وأضافت أن التحول من الحقل التقليدي إلى الحقل الرقمي ليس مجرد تغيير في الأدوات، بل هو تغيير في طريقة التفكير، إذ لم يعد مقبولًا الاعتماد على الخبرة التقليدية وحدها، بل يجب اتخاذ القرارات استنادًا إلى بيانات دقيقة وفي الوقت المناسب.
وقدمت الغصون نماذج عالمية ناجحة، مثل تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تبنت الزراعة الرأسية والزراعة داخل البيوت المحمية الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حيث تنتج في دبي مزارع رأسية أكثر من 900 طن من الخضروات سنويًا على مساحات تقل عن 10% من المساحات التقليدية. وفي أستراليا، جرى الاعتماد على الطائرات بدون طيار وأنظمة تحليل الصور لمراقبة المحاصيل ومواجهة الجفاف المستمر.
وختمت الغصون بالقول: "الإجابة على سؤال: هل حان وقت الزراعة الذكية في الأردن؟ هي نعم، وبأسرع وقت ممكن. فكل يوم نتأخر فيه عن تبني هذه التقنيات يعني المزيد من الهدر في مواردنا، والمزيد من الضغط على أمننا الغذائي. الزراعة الذكية هي طريقنا نحو إنتاج أكثر، وهدر أقل، وأمن غذائي مستدام لأجيالنا القادمة".