أخبار اليوم - يواصل نادي برشلونة بحثه المكثف عن مهاجم جديد يقود الخط الأمامي في مرحلة ما بعد روبرت ليفاندوفسكي، الذي يبلغ من العمر 37 عاماً ويقترب عقده من نهايته مع الفريق الكتالوني بنهاية الموسم الجاري.
ويبدو أن إدارة النادي الإسباني بدأت بالفعل في التحرك استعداداً لتلك المرحلة الانتقالية، إذ وضعت أعينها على المهاجم الكاميروني الواعد كارل إيتا إيونج، الذي خطف الأضواء في الدوري الإسباني هذا الموسم بأداء لافت ومردود تهديفي مميز.
ووفقاً لما أوردته صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية، فإن برشلونة يعتبر إيتا إيونج أحد أبرز الأسماء الواعدة في الليجا حالياً، حيث يقدم اللاعب البالغ من العمر 21 عاماً مستويات استثنائية جعلته محط أنظار كبار الأندية.
وتمكن المهاجم الكاميروني الواعد من تسجيل 5 أهداف وصناعة 3 تمريرات حاسمة منذ بداية الموسم مع فياريال وليفانتي، وهو ما جعل اسمه يتردد بقوة داخل أروقة "البلوجرانا".
ويرى مسؤولو برشلونة أن إيونج يتمتع بكل المقومات التي يبحث عنها النادي في المهاجم المستقبلي للفريق، بفضل قدراته البدنية القوية، وتمركزه الذكي داخل منطقة الجزاء، إضافة إلى سرعة تطوره اللافتة في سن مبكرة.
وتؤمن الإدارة الرياضية بأن المهاجم الكاميروني قد يشكل استثماراً مثالياً على المدى الطويل، خاصة في ظل محدودية الخيارات الهجومية المتاحة حالياً بعد تراجع لياقة ليفاندوفسكي وتقدمه في العمر.
صفقة واعدة أوقفتها القوانين
ورغم الاهتمام المتزايد من جانب برشلونة، إلا أن الصفقة تصطدم بعقبة قانونية صريحة في لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
فالمادة الخامسة من لوائح الانتقالات تنص على أن اللاعب يمكنه التسجيل في ثلاثة أندية كحد أقصى في موسم واحد، لكنه لا يحق له اللعب رسمياً إلا مع ناديين فقط.
وبما أن إيونج بدأ الموسم الحالي مع فياريال قبل انتقاله إلى ليفانتي، فإن انضمامه إلى برشلونة في كانون الثانى/يناير المقبل يُعد مستحيلاً من الناحية القانونية.
هذه اللوائح تجبر إدارة برشلونة على تأجيل فكرة التعاقد مع اللاعب حتى الصيف القادم، وهو ما يقلل من فرص الظفر بتوقيعه مبكراً، خاصة في ظل اهتمام أندية إنجليزية كبرى بمراقبة تطوره ومحاولة إقناعه بالانتقال إلى البريميرليج.
معضلة مالية أخرى
وبالإضافة إلى العائق القانوني، ما زالت القيود المالية المفروضة على برشلونة تشكل عقبة حقيقية أمام إتمام أي صفقة جديدة. فالنادي لم يتعافَ بعد من آثار أزمة "اللعب المالي النظيف" التي حدّت من قدرته على التحرك بحرية في سوق الانتقالات.
وذكرت الصحيفة أن فكرة التعاقد مع اللاعب وتركه معاراً في ليفانتي حتى نهاية الموسم تبدو منطقية، لكنها تظل صعبة التنفيذ في الوقت الحالي، نظراً إلى الوضع الاقتصادي المعقد الذي يمر به النادي.
ورغم كل هذه التحديات، فإن اهتمام برشلونة بإيونج لا يبدو عابراً، بل يعكس رؤية فنية واضحة من الإدارة الرياضية، التي تسعى إلى بناء خط هجومي متجدد يعتمد على مواهب شابة قادرة على التطور والانسجام مع أسلوب لعب الفريق.
ويبدو أن الكاميروني الشاب يقع في صميم هذه الرؤية، إذ يُعد من اللاعبين القلائل الذين يجمعون بين القوة البدنية والقدرة على التحرك السلس في العمق الهجومي.
أرقام واعدة وصفقة اقتصادية
انتقل كارل إيتا إيونج إلى صفوف ليفانتي في صفقة بلغت قيمتها 3 ملايين يورو فقط، ووقّع عقداً يمتد حتى عام 2029، مع وجود بند جزائي يبلغ 30 مليون يورو.
ورغم أن هذا الرقم بدا مرتفعاً عند توقيع الصفقة، إلا أنه اليوم يُعد مبلغاً معقولاً جداً مقارنة بالمستويات التي يقدمها اللاعب وارتفاع أسعار المهاجمين في السوق الأوروبية.
ويرى مراقبون أن برشلونة قد يجد في هذا البند فرصة مواتية للتحرك الصيف المقبل، إذا تمكن من ترتيب أوضاعه المالية قبل انطلاق سوق الانتقالات.
صدى الاهتمام في إنجلترا
في المقابل، لا يبدو أن برشلونة سيكون وحيداً في سباق التعاقد مع المهاجم الكاميروني، إذ أكدت تقارير إنجليزية أن عدة أندية من البريميرليج تتابع تطوره عن كثب، من بينها فرق تبحث عن مهاجمين شباب قادرين على التألق في السنوات القادمة.
ورغم ذلك، تشير المصادر ذاتها إلى أن رغبة اللاعب ستكون حاسمة في تحديد وجهته المقبلة، حيث يفضل البقاء في إسبانيا ويحلم بارتداء قميص برشلونة تحديداً، متأثراً بنجاحات أساطير القارة السمراء الذين مرّوا من بوابة النادي الكتالوني.
إرث إفريقي في "كامب نو".. من إيتو إلى كيتا وتوريه
لطالما كان برشلونة محطة لعدد من أبرز نجوم إفريقيا الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخه، رغم أن عدد اللاعبين الأفارقة الذين مثلوا الفريق الكتالوني يبقى محدوداً مقارنةً ببعض الأندية الأوروبية الأخرى. ومع ذلك، فإن تأثيرهم كان كبيراً ولا يُنسى.
ويُعد الكاميروني صامويل إيتو أبرز لاعب إفريقي في تاريخ برشلونة، وربما أحد أعظم المهاجمين الذين مروا على النادي. فقد كان أحد الركائز الأساسية في الجيل الذهبي الذي قاده بيب جوارديولا نحو تحقيق السداسية التاريخية عام 2009، بعدما أحرز أكثر من 100 هدف بين عامي 2004 و2009، وساهم في التتويج بثلاث بطولات للدوري الإسباني ولقبين لدوري أبطال أوروبا.
ومن الكاميرون أيضاً، جاء اسم ألكسندر سونج، الذي انضم إلى برشلونة في صيف 2012 قادماً من آرسنال. ورغم امتلاكه بنية قوية وقدرات دفاعية معتبرة، لم يتمكن من إثبات نفسه أساسياً في خط وسط يعجّ بالنجوم مثل تشافي وإنييستا وبوسكيتس، واكتفى بأدوار محدودة خلال موسمين قبل مغادرته.
أما المالي سيدو كيتا، فقد كان نموذجاً للانضباط والالتزام. انضم إلى الفريق عام 2008 قادماً من إشبيلية، وأصبح عنصراً محورياً في منظومة جوارديولا بفضل هدوئه التكتيكي وقدرته على التكيف مع مختلف الأدوار في خط الوسط. وأسهم كيتا في حصد عدد كبير من الألقاب المحلية والقارية، أبرزها لقبا دوري الأبطال في 2009 و2011.
ولا يمكن تجاهل تجربة الإيفواري يايا توريه، الذي دافع عن ألوان برشلونة بين عامي 2007 و2010. فقد شغل مركز الارتكاز الدفاعي وأحياناً قلب الدفاع، وكان عنصراً مهماً في التتويج بدوري الأبطال عام 2009. ورغم رحيله إلى مانشستر سيتي، إلا أن تجربته في "كامب نو" كانت نقطة انطلاق لمسيرة عالمية جعلت منه أحد أعظم لاعبي الوسط في جيله.
من إيتو إلى كيتا وتوريه، مرّ اللاعبون الأفارقة في برشلونة كرموز للقوة والانضباط والموهبة، ونجحوا في ترك بصمتهم في سجلات النادي العريق. واليوم، قد يكون كارل إيتا إيونج على موعد مع استكمال هذا الإرث، إذا ما تحقق حلمه بارتداء القميص الكتالوني في المستقبل القريب.
فبرشلونة، الباحث عن دماء جديدة في خط الهجوم، يدرك أن الموهبة لا تعرف حدوداً، وأن القارة السمراء لا تزال تنبض بالنجوم الذين يمكنهم كتابة فصل جديد من المجد في "كامب نو".