أخبار اليوم - سحب جيش الاحتلال الإسرائيلي قواته إلى ما بعد الخط الأصفر المشار إليه في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام عبرية، ليل الجمعة-السبت. وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإنه خلافاً لخرائط الانسحاب التي نُشرت، فإن قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال نشرت قواتها بعيداً عن "الخط الأصفر"، وهو خط الانسحاب المحدد للجيش الإسرائيلي بموجب الاتفاق.
ورغم أن "الخط الأصفر" يبعد عدة كيلومترات عن حدود دولة الاحتلال مع قطاع غزة، فإن معظم مواقع الجيش الإسرائيلي، تقع حالياً على بعد كيلومتر إلى كيلومتر ونصف من الحدود. ويعني ذلك، وفقاً للإذاعة عينها، أن هناك مناطق واسعة "من المفترض" أن تكون تحت سيطرة جيش الاحتلال، لكنها خالية من القوات، وقد وُضعَت المواقع الأمامية للجيش الإسرائيلي بعيداً خلف خط الانسحاب.
ومن الأمثلة التي سمحت الرقابة العسكرية بنشرها، أنه في الخرائط المنشورة، يقع الخط الأصفر في منطقة السياج الشمالي (بيت حانون، بيت لاهيا) على بعد نحو 3-3.5 كيلومترات من السياج، لكن فعلياً، الموقع الأكثر جنوباً في تلك المنطقة، هو موقع "يسرائيلا" العسكري، الذي يقع قبالة كيبوتس نتيف هعسرا، على بعد كيلومتر واحد من السياج. مثال آخر في منطقة محور نيتساريم؛ فوفقاً للخط الأصفر، "من المفترض أن تسيطر إسرائيل"، على حد تعبير الإذاعة، على محور صلاح الدين، على بعد نحو 3 كيلومترات من السياج حسب الخرائط، لكن فعلياً، حتى صباح أمس الجمعة، كان هناك موقعان عسكريان، هما "لبياه" و"هرتسليا"، وكلاهما فُكِّك ضمن انسحاب القوات، والآن أقصى موقع غربي للجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة، يقع على بعد كيلومتر ونصف فقط من السياج.
وقبالة "كيبوست كفار عزة"، القريب من منطقة الشجاعية، تنص الخرائط على سيطرة جيش الاحتلال حتى مسافة 3.5 كيلومترات من السياج، لكن فعلياً، فإن موقع التحصين العسكري المسمّى "درع كفار عزة" يقع على بعد كيلومتر واحد من السياج، وهو الأكثر غرباً في تلك المنطقة. كذلك، فإن موقعي "صهيون" و"النقب" العسكريين، في وسط القطاع، يبعدان 1.6 كيلومترات عن السياج، وهما الموقعان الأكثر غرباً في منطقتها، فيما تنص الخرائط على أن بإمكان جيش الاحتلال السيطرة حتى 3 كيلومترات من السياج.
وخلص تقرير الإذاعة إلى أن قيادة المنطقة الجنوبية تخلّت، على ما يبدو، عن نشر مواقع أمامية على الخط الأصفر أو بالقرب منه، وسحبت مواقع الجيش الإسرائيلي إلى الخلف بشكل كبير. ونقلت قول جنود في جيش الاحتلال، في هذه المواقع، إنهم "مكشوفون للنيران"، أي لا وجود لقوات أمامهم، "ما يثبت" أن جيش الاحتلال انسحب فعلياً إلى ما هو "أبعد بكثير" من الخط الأصفر.
ورفض جيش الاحتلال الرد على الأسئلة المتعلّقة بأوامر فتح النار تجاه الغزيين الذين يدخلون إلى المنطقة الواقعة خلف الخط الأصفر. وجاء في رد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على توجهات وسائل إعلام عبرية، أن "الخريطة التي عُرضت في تصريح المتحدث باسم الجيش توضيحية. الجيش الإسرائيلي متمركز في خطوط الانتشار وفقاً للاتفاق. نشر القوات يتم بناءً على تقييم الوضع، وفقاً للاتفاق وتحليل المتغيرات كافة. ومن الطبيعي ألا نفصّل بشأن نشر القوات".
واعتبر موقع واينت العبري، أن هذا اعتراف رسمي من الجيش بأن الخرائط لا تعكس مواقع القوات الفعلية. ونقل الموقع عن ضباط في قيادة المنطقة الجنوبية، أن الخط الذي أعيد نشر قوات الجيش الإسرائيلي عليه بعد الانسحاب، يقع فعلياً في مواقع أقرب إلى حدود إسرائيل، خصوصاً في جنوب قطاع غزة. وزعموا أنه في كل الأحوال، منذ ساعات ظهيرة الجمعة، استعادت "حماس" السيطرة على معظم مناطق القطاع، وخصوصاً في المدن والبلدات الفلسطينية، وتحت غطائها، وبمساعدة السكان المدنيين الذين عادوا إليها، بدأت بعمليات لإعادة تأهيل تلك المناطق.
ووفقاً للاتفاق الذي وُقِّع، من المفترض أن ينسحب جيش الاحتلال من مناطق إضافية في إطار تنفيذه، وذلك بعد الإفراج المتوقع عن الأسرى الاسرائيليين خلال اليومين المقبلين. ورغم الانسحاب "الكبير"، على حد تعبير الموقع العبري، يؤكد الجيش الإسرائيلي أن الانتشار الدفاعي حول منطقة غلاف غزة، في إشارة إلى المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع، أصبح أوسع وأعمق مما كان عليه في السابق، بما يراوح بين ثلاثة إلى ستة أضعاف، مقارنة بالمنطقة العازلة التي ترسخت خلال العام الماضي قرب الحدود.
وفي وسط القطاع وشماله، يحافظ جيش الاحتلال اعتباراً من اليوم، على سيطرة بمتوسط يصل إلى ثلاثة كيلومترات من السياج الحدودي، من عرض قطاع يبلغ في المتوسط نحو ثمانية كيلومترات حتى البحر. أما في الجنوب، حيث يكون القطاع أوسع جغرافياً، فإن المنطقة العازلة الجديدة أعمق بحوالى ستة كيلومترات في المتوسط من الحدود، من أصل 12 إلى 14 كيلومتراً حتى البحر.