"رسوم" على الطرود البريدية .. حان الوقت

mainThumb

06-05-2025 06:14 PM

printIcon

لم يعد بالإمكان الوقوف مكتوفي الأيدي أمام التوسع الكبير لتجارة "الطرود البريدية" وتأثيرها السلبي على السوق المحلي، فتجارنا في مختلف القطاعات يواجهون تحديات وجودية، وأصبحوا على حافة الافلاس وإغلاق محالهم بسبب الفوارق السعرية الكبيرة، فأي عدالة تلك، عندما يترك التاجر المحلي وحيداً في ميدان لا تكافؤ فيه أمام المستورد من طرود؟

من غير المنطقي بل ومن الظلم، أن تبقى "الطرود البريدية" المستوردة معفاة من "الرسوم والضرائب" بينما يتحملها التاجر المحلي وحيداً، بدءاً من رسوم التراخيص مروراً بـ "كلف التشغيل" من طاقة وأجور عمالة وإيجارات وصولاً إلى الضرائب المتعددة، وبالمقابل تدخل تلك الطرود "للسوق المحلي" دون ان تتحمل شيئاً من هذه الأعباء ما يخلق منافسة غير متكافئة على الاطلاق.

خلال تجوالي بالأسواق أشعر بالاسى تجاه حال العديد من التجار، الذين وجدوا انفسهم بمواجهة غير متكافئة مع تدفق الطرود البريدية من الخارج وفي مختلف القطاعات مثل الملابس والعطور والاكسسوارات وغيرها من الاصناف، وهذا ما يلاحظة الجميع حاليا من تراجع حاد في حركة البيع والشراء، لا لتراجع الدخل بل بسبب هجرة المستهلكين باتجاه الطرود.

في معظم دول العالم وضعت الحكومات قيودا واضحة ومنظمة على تجارة "الطرود البريدية"، لحماية التجار المحليين والحفاظ على عدالة المنافسة، اما في الأردن، فما يزال هذا الملف قيد الدراسة منذ سنوات طويلة رغم تعدد الشكاوى من القطاع التجاري، دون ان تترجم هذه المطالب إلى قرارات ملموسة، بالرغم من ان الحكومة أيضاً تخسر ايرادات ضريبية ورسوماً تجنيها من التاجر ولا تجنيها من الطرود.

إننا أمام تحدٍ حقيقي، يتطلب من الحكومة الحالية تحمل مسؤولياتها، واتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، لحماية السوق المحلي، ومنع المزيد من الانهيارات في قطاع التجارة، من خلال تحقق "العدالة والمساواة" في الكلف وايجاد اجواء من المنافسة الشريفة بين التقليدي والالكتروني.

العام الماضي بلغ عدد الطرود البريدية الواردة الى المملكة ما يزيد على "1.2 مليون" طرد بمختلف الأصناف بقيمة يقدرها خبراء بين 650 إلى 950 مليون دينار تقريباً، فخسائر قطاع الالبسة منها فقط 250 مليون دينار عداك عن بقية القطاعات الاخرى، فهل مازال هناك متسع لاستمرارها وتسيبها؟

خلاصة القول؛ "فرض رسوم" وتنظيم الطرود البريدية لم يعد أمراً ثانوياً أو قابلاً للتأجيل، فالحفاظ على قوة التاجر المحلي هو حفاظ على تماسك الاقتصاد الوطني، واما السماح والتغاضي عن استمرار هذا التسيب فقد يؤدي الى نتائج كارثية، تبدأ باغلاق المحال، ولا تنتهي عند تراجع الاستثمارات وتفشي البطالة، فالمصلحة العليا للوطن يجب ان تتقدم على المصالح الخاصة وعلى أي حسابات قصيرة النظر.