أخبار اليوم - عواد الفالح - 13 عامًا من الانتظار، ودموع على أطراف الهاتف... أمٌ سوريّة تهمس لابنها في عمّان: "مشتاقتلك يا يمّه"، ويغصّ الصوت بين شوقٍ مكتوم وواقعٍ مقيّد بالحواجز والإجراءات. وفي الكرك، أردنيّ يقول لصديقه السوري: "صار بينّا خبز وملح، بس ليش ما بقدر أزورك بسوريا؟".
قصص وحنين... مشاعر مكدّسة في قلوب الأردنيين والسوريين انفجرت دفعةً واحدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر الآلاف عن مطالب إنسانية بإعادة فتح الحدود وتسهيل إجراءات السفر والزيارات العائلية بين البلدين، بعد سنوات من الفُرقة، والإجراءات الأمنية، والتعقيدات الإدارية التي حرمت الكثيرين من لقاء الأحبة أو حتى زيارة الوطن.
سوريون مقيمون في الأردن، منذ أكثر من عقد، أطلقوا مناشدات مؤثرة، يشكون فيها من عدم قدرتهم على زيارة أهلهم في الداخل السوري، في ظل عدم توفر آلية آمنة للعودة إلى الأردن بعد الخروج، وقال أحدهم: "والله تعبت أعصابي... صارلي 13 سنة ما شفت أمي"، بينما طالب آخر بالسماح لأحد أفراد العائلة بالسفر إلى سوريا لترتيب السكن والعودة، مبدين تفهّمهم للظروف، لكنهم أكدوا أن الحاجة الإنسانية أكبر من كل المعوّقات.
ورغم هذه المعاناة، لم ينس السوريون أن يوجّهوا رسائل شكر وامتنان عميقة للأردن، قيادةً وشعبًا، على ما قدموه من احتضان وكرم طوال سنوات اللجوء، فقال أحدهم: "كل الاحترام للقيادة الهاشمية، الأردنيين وقفوا معنا وقفة رجال، أهل كرم ونخوة، عشنا بينكم 12 سنة، وشعرنا أننا بين أهلنا".
في المقابل، تساءل أردنيون عن سبب منعهم من دخول الأراضي السورية رغم العلاقات الأخوية، معتبرين أن هذه السياسة غير مفهومة في ظل ما يربط الشعبين من روابط دم وعروبة، وقال أحدهم: "ليش ممنوع نروح سوريا؟ بدنا نزور أصدقاء وأقارب، ليش التعقيد؟".
وانتقد مغتربون سوريون في أوروبا كذلك ارتفاع رسوم الدخول على المسافرين السوريين، مشيرين إلى أن "رسم المرور على الفرد الواحد 80 دولارًا، والعائلة تدفع ما يزيد عن 500 دولار"، مطالبين بتعديل هذه الرسوم بما يعكس إنصافًا لجميع الأطراف، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
وتوحدت الدعوات من الطرفين بضرورة إعادة فتح الحدود بشكل منظم، يسمح بالتنقل الإنساني، ولمّ الشمل، وإعادة اللحمة الاجتماعية بين شعوب لا تفرّقها سوى قرارات إدارية قابلة للمراجعة.
واختُتمت معظم هذه المناشدات بالأمل، بأن يكون هناك تحرك رسمي من الحكومتين لتبني سياسة إنسانية أكثر مرونة، تراعي خصوصية العلاقة بين الشعبين، وتعيد فتح أبواب اللقاء لأمٍ تنتظر ابنها، وطفلٍ يتمنى رؤية جده، وعائلةٍ تنشد عناقًا مؤجلًا منذ أكثر من عقد.