أزمة المواصلات الخانقة من شمال غزة إلى جنوبها .. رحلة تستنزف الجسد والجيب

mainThumb
أزمة المواصلات الخانقة من شمال غزة إلى جنوبها.. رحلة تستنزف الجسد والجيب

02-06-2025 09:59 AM

printIcon

أخبار اليوم - في حرب مستمرة وتدمير غير مسبوق للبنية التحتية، تحولت الرحلات اليومية بين شمال قطاع غزة وجنوبه إلى رحلة شاقة تستنزف القوى وتستنفد الموارد المالية للسكان المحاصرين. ما كان يستغرق ساعة واحدة من الزمن قبل الحرب، أصبح الآن يستغرق نصف يوم أو أكثر، وسط طرق مدمرة، ونقص حاد في الوقود، وظروف أمنية متقلبة.

أدت الضربات الجوية والاجتياحات البرية الإسرائيلية المكثفة، التي استمرت لأشهر، إلى تدمير طرق رئيسية مثل شارع الرشيد "البحر" وشارع صلاح الدين، الذي كان يمثل شرياناً حيوياً يربط بين شمال القطاع وجنوبه. واليوم، أصبحت الطرق الرئيسية غير سالكة في كثير من الأحيان، مما اضطر السكان إلى استخدام مسارات بديلة غير ممهدة، تمر عبر أراضٍ زراعية ومناطق مليئة بالركام.

عبد الرحمن الكرد، سائق مركبة "تكتوك" ثلاثية العجلات، اضطر إلى التوقف عن العمل بسبب صعوبة التنقل. وقال لصحيفة "فلسطين": "الطرق التي كنا نستخدمها لم تعد موجودة. نحن مضطرون للسير عبر مسالك خطيرة، والتكلفة أصبحت باهظة للغاية، خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود".

تعد أزمة الوقود واحدة من أكبر التحديات التي تواجه سكان غزة، حيث ارتفعت أسعار البنزين والديزل إلى أكثر من عشرة أضعاف مقارنة بفترة ما قبل الحرب. ويرجع هذا الارتفاع إلى انقطاع الإمدادات النظامية، واضطرار السكان إلى الاعتماد على وقود مُعاد تدويره من مواد بلاستيكية، وهو وقود غير آمن وذو جودة منخفضة.

المصور الصحفي أحمد الدنف، الذي يتنقل يومياً بين مدينتي غزة وخان يونس، يقول إنه ينفق نحو 200 شيكل يومياً على النقل، دون أي ضمان للوصول في الوقت المحدد.

وأضاف لـ"فلسطين أون لاين": "في بعض الأيام، تتعطل المركبة بسبب سوء حالة الطريق، وفي أيام أخرى لا نجد وسيلة نقل من الأساس".

كما أشار الدنف إلى أن الطريق باتت محفوفة بالمخاطر الأمنية، حيث يتعرض المسافرون أحياناً لإطلاق نار من قبل قوات الاحتلال، خاصة في منطقة نتساريم، بالإضافة إلى عمليات تفتيش عشوائية من قبل عصابات مسلحة.

ظروف قاسية للركاب

لا تقتصر المعاناة على السائقين فحسب، بل تمتد إلى الركاب الذين يضطرون إلى انتظار وسائل النقل لساعات طويلة، وغالباً ما تكون هذه الوسائل بدائية، مثل المركبات ثلاثية العجلات أو عربات تجرها الحيوانات. وتزداد المعاناة في ظل درجات الحرارة المرتفعة، ونقص المياه والخدمات الأساسية خلال الرحلة.

محمد، أحد الركاب الذين التقتهم "فلسطين أون لاين"، قال: "كل يوم أشعر وكأنني أخوض معركة للوصول إلى وجهتي. الطريق مليئة بالمنعطفات الخطرة، وفي بعض الأحيان نضطر إلى الانبطاح على الأرض بسبب إطلاق النار".

أما الموظف الحكومي محمد الدوس، فأكد أن السفر من الشمال إلى الجنوب أصبح مغامرة غير مضمونة العودة. وقال: "قوات الاحتلال تغلق الطرق فجأة، وقد اضطررت للبقاء في الجنوب لعدة أشهر بعد موجة النزوح الكبيرة في بداية الحرب بسبب إغلاق محور نتساريم".

تأثيرات اجتماعية واقتصادية

تسببت أزمة المواصلات في عزل العائلات عن بعضها البعض، حيث أصبح التواصل بين شمال غزة وجنوبه شبه مستحيل في كثير من الأحيان. كما أعاقت الأزمة وصول المساعدات الإنسانية الشحيحة، خاصة إلى مناطق الشمال التي تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء.

سائق التكتوك أحمد شملخ، الذي يعمل على خط غزة - النصيرات، وصف الوضع بالقول: "الركام في كل مكان، والحرارة لا تطاق، والركاب مضطرون للازدحام في مركبات غير آمنة". وأضاف أن أسعار قطع الغيار ارتفعت بشكل جنوني، حيث قفز سعر إطارات التكتوك من 60 شيكلاً إلى 1000 شيكل، بينما بلغ سعر لتر البنزين 300 شيكل.

وبينما يحاول المصور الصحفي أحمد الدنف وغيره من العاملين في المجال الإعلامي مواصلة عملهم في نقل معاناة السكان، تبقى الطرق الوعرة والمخاطر الأمنية عقبة كبيرة أمامهم. يقول الدنف: "علينا أن نواصل رغم الصعوبات، لأن العالم بحاجة إلى أن يرى ما يحدث هنا".

 فلسطين أون لاين