في غزة .. العيد يأتي ولا شيء يشبه العيد

mainThumb
في غزة.. العيد يأتي ولا شيء يشبه العيد

05-06-2025 10:03 AM

printIcon

أخبار اليوم - على أعتاب خيمته المتواضعة في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، يجلس الحاج صالح عبد الهادي مرددًا تكبيرات العيد بصوت خافت، وابتسامة متعبة تختلط فيها ملامح الحنين بالحزن.

يقول الخمسيني عبد الهادي: "للعام الثاني على التوالي، يحل عيد الأضحى دون أن أتمكن من شراء أضحية. الحرب سرقت كل شيء، حتى فرحة العيد".

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، تغيّرت معالم الحياة؛ دُمّرت المنازل، وقُتل الآلاف، ونزح مئات الآلاف من السكان من شمال القطاع إلى مدينة غزة وجنوبها، في رحلة طويلة من الألم والتشرّد، بذريعة وجود "مناطق آمنة"، والتي لم تصمد طويلًا أمام آلة القتل الإسرائيلية.

ويعيش عبد الهادي، الذي فقد مصدر رزقه، مع أسرته المكونة من سبعة أفراد، في ظروف لا تصلح للعيش الآدمي، واصفًا العيد بأنه "صورة باهتة لما كان عليه"، فالأضاحي لم تعد موجودة، والمزارع التي كانت تعج بالأبقار والأغنام أصبحت رمادًا تحت ركام الصواريخ، والأسواق خالية، والفرحة غائبة.

طقوس العيد

ولا يختلف الحال كثيرًا لدى الستيني محمد العكلوك، الذي يتحدث بحنين عن الأعياد السابقة: "كنا أنا وأولادي وإخوتي نذهب إلى المسجد لأداء صلاة العيد، ثم إلى المسلخ، نذبح الأضاحي ونوزّع اللحم على الأهل والجيران، أما اليوم، فنذهب إلى المقابر، نقرأ الفاتحة على من رحلوا، ونتنفس وجع الحرب كل صباح".

ويضيف العكلوك، الذي يقطن في مخيم الشاطئ: "الاحتلال لم يكتفِ بقتل الأحباب وتدمير البيوت، بل اغتال طقوسنا، وجعل كل مناسبة فرحٍ مريرة، وكل صوت تكبيرٍ ذكرى للمفقودين"، مردفًا: "ومع ذلك، سنحاول أن نرسم بعض الأمل في وجوه أطفالنا، وسنشتري لهم ما تيسر من الملابس، ولو مستعملة، فقط ليروا ابتسامة ولو خاطفة".

ويصادف عيد الأضحى هذا العام، السادس من حزيران/ يونيو الجاري، في وقت يرزح فيه قطاع غزة تحت ويلات حرب إبادة متواصلة منذ أكثر من 19 شهرًا، خلّفت آلاف الشهداء والجرحى، ودمرت البنية التحتية، وشردت أكثر من مليون ونصف مواطن، وأدخلت السكان في حالة جوع حاد.

وغياب الأضاحي ليس فقط نتيجة الغلاء أو تراجع القدرة الشرائية، بل لأن الاحتلال تعمّد تدمير المزارع ومخازن الأعلاف، وقتل المواشي، ومنع المزارعين من الوصول إليها، كما أغلق المعابر أمام المساعدات، مما جعل من المستحيل توفير أي شكل من أشكال الأضاحي.

في مخيمات النزوح المنتشرة بالقرب من أنقاض المنازل المدمّرة، تتكدّس العائلات في خيام رقيقة لا تصدّ حرًّا ولا تحجب مطرًا، والنفايات منتشرة، ومياه الصرف الصحي تنساب في الشوارع، والبيوت لم تعد موجودة، والأسواق خاوية، وجلّ تفكير الناس منصبّ على توفير قوت أبنائهم في ظل المجاعة التي تضرب قطاع غزة.

رغيف خبز

وفي إحدى الخيام بحي النصر غرب مدينة غزة، تجلس آمال السلطان، تعيل ثمانية أطفال، وتتنقل منذ شهور بين المراكز الخيرية بحثًا عن طعام يسد رمق أولادها.

وتقول السلطان لـ "فلسطين أون لاين": "العيد فرحة، لكن أي فرحة هذه؟ لا طعام، لا ملابس، ولا حتى حذاء لأطفالي. بات كل همّهم الحصول على رغيف خبز يسدّ جوعهم".

وتضيف بأسى: "نحن شعب منكوب، نعيش في خيام بلا ماء ولا كهرباء. من فقد أبناءه لا يستطيع أن يحتفل، ومن تهدّم منزله لا يعرف أين يقيم. لا حديث هنا إلا عن الموت والدماء والبحث عن لقمة عيش".

وتناشد السلطان الدول العربية والإسلامية، والمجتمع الدولي، بالتدخل العاجل لوقف الحرب، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار البيوت المهدّمة.

ويحلّ عيد الأضحى هذا العام على غزة، والناس في أشد حالات البؤس، فالحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر 2023، حوّلت العيد إلى موسم للألم لا الفرح، فالأطفال لا يلعبون، والكبار لا يذبحون، والجميع يبحث عن أمانٍ مفقود، وغذاءٍ منقطع.

وقد خلّفت الحرب المستمرة على قطاع غزة أكثر من 178 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بحسب وزارة الصحة، فيما تعيش مئات آلاف العائلات في خيام، في ظروف قاسية تهدّد حياتهم يوميًا.

المصدر / فلسطين أون لاين