*الطاقة والربط الكهربائي.. تعزيز أمن الإمدادات وخفض تكاليف الإنتاج
*التبادل التجاري الأردني المصري يتخطى 900 مليون دولار.. وطموح يتجاوز المليار
*منصة استثمارية مشتركة لتسويق الفرص الواعدة وإطلاق مشاريع صناعية ثنائية
*التكامل اللوجستي والنقل والترانزيت يدعم تدفق البضائع والسياح
أخبار اليوم - أكد المهندس موسى الساكت، عضو غرفة صناعة عمان، أن اجتماعات اللجنة العليا الأردنية المصرية في دورتها الثالثة والثلاثين تمثل محطة فارقة في مسيرة العلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى أن ما شهدته هذه الدورة من توقيع اتفاقيات استراتيجية يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التكامل الشامل، اقتصاديًا وصناعيًا وسياسيًا، تعكس عمق الروابط التاريخية بين عمان والقاهرة.
وأوضح الساكت أن هذه الاتفاقيات شملت مجالات الطاقة والربط الكهربائي، الاستثمار، الصناعة، السياحة، النقل، الترانزيت، الحماية القانونية للمنتجات، المشتريات الحكومية، والتنسيق المالي، معتبرًا أنها تشكل البنية التحتية اللازمة لتعزيز التبادل التجاري وتوسيع الاستثمارات المشتركة. وأكد أن الربط الكهربائي، على وجه الخصوص، سيعزز أمن الإمدادات، ويقلل التكاليف على القطاعات الصناعية والخدمية، بينما تسهم الاتفاقيات السياحية واللوجستية في زيادة حركة السياحة والبضائع، ودعم دور البلدين كمراكز إقليمية للتجارة والخدمات.
وأضاف أن حجم التبادل التجاري بين الأردن ومصر بلغ بنهاية عام 2024 أكثر من 900 مليون دولار، منها نحو 300 مليون دولار صادرات أردنية إلى مصر، مقابل واردات تجاوزت 600 مليون دولار، ما أدى إلى عجز تجاري يقدر بـ311 مليون دولار لصالح مصر. ورغم ذلك، فإن معدل النمو في التبادل التجاري بلغ 30% مقارنة بالعام السابق، وهو ما يثبت وجود قاعدة قوية يمكن البناء عليها. وأعرب الساكت عن أمله في أن ترفع هذه الاتفاقيات حجم التبادل إلى ما يفوق المليار دولار، مع العمل على تحقيق توازن أكبر في الميزان التجاري خلال السنوات المقبلة.
وأشار إلى أن الأردن ومصر يمتلكان فرصًا كبيرة لتوسيع نطاق التكامل، إذا ما تم وضع خارطة طريق واضحة، تشمل إنشاء منصة استثمارية مشتركة للترويج للفرص الواعدة، وإطلاق مشاريع صناعية ثنائية تستفيد من المزايا التنافسية لكل بلد، وتسريع الربط الجمركي والإلكتروني لتقليل زمن وكلفة التجارة البينية، إضافة إلى إزالة العوائق البيروقراطية وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين.
ويرى الساكت أن هذه الاتفاقيات ليست مجرد تفاهمات تقنية، بل تعبير عن رؤية استراتيجية أوسع، تهدف إلى تحويل العلاقة الأردنية المصرية إلى نموذج متكامل، يمكن أن يقتدي به باقي العالم العربي. ويقول: "حين ننظر إلى تجارب سابقة في المنطقة، نجد أن معظم محاولات التكامل العربي اصطدمت بالعوائق السياسية أو بالبيروقراطية، لكن الأردن ومصر اليوم يتعاملان مع هذا الملف بعقلية تنفيذية، قائمة على المصالح المشتركة، بعيدًا عن الشعارات التي لا تجد طريقها للتطبيق".
وأضاف أن الأثر الاقتصادي المتوقع لهذه الخطوات سيتجاوز حدود البلدين، إذ يمكن أن يشكل نواة لتكتل اقتصادي عربي أوسع في المستقبل، خاصة إذا انضمت إليه دول أخرى في مجالات متخصصة، مثل الطاقة أو الخدمات اللوجستية أو الزراعة. وأشار إلى أن التكامل الأردني المصري في مجال الطاقة، مثل الربط الكهربائي، يمكن أن يفتح المجال لتوسيع شبكة إقليمية تشمل دول المشرق والخليج، ما يعزز أمن الطاقة العربي ويقلل الاعتماد على المصادر الخارجية.
سياسيًا، أكد الساكت أن العلاقات الأردنية المصرية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تشهد اليوم مستوى غير مسبوق من الانسجام، مدعومًا بتوافق في الرؤى تجاه القضايا الإقليمية، واستعداد لتحويل هذا التوافق إلى مشاريع عملية. وأضاف: "نحن اليوم أمام مشهد نادر في المنطقة، حيث الإرادة السياسية في البلدين متوافقة، والشعوب متقاربة، والقيادات تدفع باتجاه شراكات حقيقية، وهذا هو المناخ الأمثل لتحقيق التكامل".
ولفت إلى أن مثل هذه العلاقات المستقرة تنعكس إيجابًا على البيئة الاستثمارية، إذ تمنح المستثمرين المحليين والأجانب ثقة أكبر في استدامة التعاون، وتقلل من المخاطر السياسية التي غالبًا ما تعيق الاستثمارات في المنطقة. كما أوضح أن هذا التوجه يعزز مكانة الأردن ومصر كوسطاء موثوقين في الملفات الإقليمية، وهو ما يضيف بعدًا سياسيًا استراتيجيًا للعلاقة.
وختم الساكت بالقول: "إن ما يجمع الأردن ومصر اليوم ليس فقط تبادل السلع أو الاستثمارات، بل مشروع تكامل اقتصادي وسياسي حقيقي، إذا ما استمر بهذه الوتيرة، يمكن أن يصبح نموذجًا ملهمًا لبقية الأمة العربية. ونحن ننعم اليوم بمحبة وروح مشتركة بين الشعبين، ونتمنى أن يكون هذا الإنجاز مقدمة لتوسيع دائرة التعاون العربي على أسس عملية وواقعية".