أخبار اليوم – عواد الفالح - في مشهد يعكس حجم اليأس الذي يعيشه بعض العاطلين عن العمل في الأردن، وتحديدًا في محافظة إربد، أثار خبر حصول مواطن على تعويض بقيمة 1500 دينار من البلدية إثر تعرضه لعضة كلب ضال، موجة واسعة من التعليقات الساخرة والموجعة في آن واحد، حيث علق العديد من الشباب: "سنخرج نبحث عن الكلاب علّنا نحصل على تعويض أفضل من انتظار الوظيفة التي لا تأتي".
ورغم أن الخبر في ظاهره يبدو إنسانيًا وقانونيًا، إلا أنه فتح جراحًا اجتماعية واقتصادية عميقة، إذ استُخدم كمنصة ساخرة لنقد الواقع المرير للبطالة، التي باتت تنهش أجساد الشباب وأحلامهم بصمت يفوق صراخ الألم الجسدي من عضة كلب. وقد تساءل البعض: "هل أصبح التعويض العرضي من البلدية حلاً أكثر واقعية من طابور ديوان الخدمة؟".
الشاب (س.ع) من منطقة الحصن، كتب على صفحته: "منذ ثلاث سنوات وأنا أطرق أبواب العمل ولم أجد سوى الوعود، يبدو أن الحل أن أبحث عن كلب شارد أستثمره لعلّي أعيل أطفالي". بينما علّق آخر: "عضة كلب أفضل من عضة الفقر.. على الأقل تعويضها مضمون".
من جهة أخرى، استنكر مواطنون هذا التفاعل، معتبرين أنه يعكس مدى انحدار الثقة لدى الشباب في مؤسسات الدولة، ويفضح فجوة الأمل، حيث باتت أقسى المواقف تثير الضحك المرّ بدلاً من الغضب أو المطالبة بالتغيير.
وتتحدث الإحصاءات الأخيرة عن نسب بطالة مرتفعة، تجاوزت 20% في بعض المحافظات، وسط شح فرص العمل وتباطؤ النمو الاقتصادي، مما جعل الكثير من الشباب يشعرون بأنهم محاصرون بين الجوع واليأس، وأنهم لا يملكون سوى التهكم على واقعهم ليتنفسوا قليلاً.
ويرى مختصون أن التعويضات الناتجة عن الإهمال العام، مثل انتشار الكلاب الضالة، ليست حلولًا، بل مؤشرات على تفاقم أزمات أعمق، تبدأ من الفقر، ولا تنتهي عند غياب سياسات تشغيل فعالة. فبينما تدفع البلديات غرامات بعد وقوع الأذى، لا تدفع الدولة نفس الجدية في خلق فرص تحفظ كرامة الشباب وتمنحهم أسبابًا للتمسك بالحياة.
"أن يعضّك كلب، ثم يعوّضك القانون، أرحم أحيانًا من أن تعضّك البطالة وتبقى بلا تعويض ولا كرامة".. هكذا لخص أحد المعلقين المشهد، في عبارة جمعت كل التناقضات التي تعيشها طبقة واسعة من الأردنيين، ممن لم يعودوا يبحثون عن وظيفة، بل عن طريقة "شرعية ومؤلمة" للنجاة من اليأس