أخبار اليوم – عواد الفالح - مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تعيش الأسواق الأردنية حالة من الخمول اللافت، في ظل تراجع واضح في الحركة الشرائية، وركود تجاوز ما كان متوقعًا لهذا الموسم الذي لطالما شكّل متنفسًا تجاريًا وفرصة لإنعاش المبيعات.
ورغم أن المواطنين استلموا رواتبهم مبكرًا هذا الشهر، إلا أن المشهد في الأسواق لا يعكس أي انتعاش اقتصادي. فالتنقل في شوارع وسط البلد أو المولات الكبرى لا يُظهر حركة استهلاكية نشطة، بل يشي بحذر واضح وتردد في الإنفاق. أصحاب محال تجارية قالوا لـ"أخبار اليوم" إن الإقبال أقل بكثير من السنوات الماضية، وإن المبيعات ما زالت "دون المستوى المعتاد"، رغم أن العيد بات على الأبواب.
ويجمع عدد من التجار في مناطق مختلفة من العاصمة والزرقاء وإربد أن الزبائن يمرّون للسؤال أكثر من الشراء، وأن نسبة الحركة "لا تتجاوز 30%" مقارنة بالمواسم السابقة. وأكدوا لأخبار اليوم أن العروض والتنزيلات لم تنجح حتى الآن في تحفيز الطلب، وأن الغالبية العظمى من المتسوقين تكتفي بالمشاهدة أو التأجيل.
ويعزو كثير من المواطنين هذا التراجع إلى قرب عيد الأضحى من عيد الفطر، إذ لم يمضِ على العيد السابق سوى أسابيع قليلة، ما دفع عددًا من الأسر للاعتماد على ما تم شراؤه مسبقًا، أو الاكتفاء بالحد الأدنى من المستلزمات هذا الموسم. وأوضحوا في حديثهم لـ"أخبار اليوم" أن أولويات الإنفاق تغيرت هذا العام، وأن الدفعات البنكية، وإيجارات السكن، ومصاريف المدارس الصيفية، كلها استحوذت على الجزء الأكبر من الراتب، تاركة العيد في مؤخرة القائمة.
محال الحلويات، التي تُعتبر مؤشرًا دقيقًا على حرارة الموسم، لم تشهد بدورها تحسنًا ملحوظًا في المبيعات. العاملون فيها أضافوا لـ"أخبار اليوم" أن الطلب ما زال خفيفًا، وأن الكميات المعروضة لم تلقَ الإقبال المعتاد. بعضهم يرى أن الناس ينتظرون اللحظات الأخيرة، والبعض الآخر يعتقد أن الأمر بات نمطًا عامًا يعكس تحوّل العيد من مناسبة للاستهلاك إلى مجرد يوم للراحة.
أما حضائر الأضاحي، فلم تكن بمنأى عن هذا الركود. تجار مواشٍ قالوا لأخبار اليوم إن الحجوزات لهذا العام أقل بكثير من المواسم السابقة، وإن المواطنين يترددون في الإقدام على الشراء، أو يؤجلون قرارهم حتى اللحظات الأخيرة. وأوضحوا أن الالتزامات المالية المتراكمة تجعل التفكير بالأضحية قرارًا ثانويًا بعد تغطية الضروريات.
اقتصاديون يرون أن ما يحدث اليوم ليس مفاجئًا، بل يُعبر عن مناخ اقتصادي مشدود، يفرض على العائلات الأردنية نمطًا جديدًا من الأولويات. وفي تصريحات لأخبار اليوم، أكد مختصون أن ما نشهده هو "تأجيل للفرح"، أو إعادة تموضع للاستهلاك الموسمي، حيث لم يعد العيد، كما في السابق، محفزًا كافيًا لتحريك الأسواق. وأضافوا أن هذا الركود يُهدد قطاعات كانت تعتمد على المواسم لتعويض فترات الركود، مثل الملابس والأحذية والحلويات.
ومع مرور الأيام واقتراب العيد، تترقّب الأسواق الأردنية ما إذا كانت الأيام القليلة القادمة ستُغيّر هذا المزاج العام. لكن حتى اللحظة، يبدو أن الناس اختارت هذا العام أن تُقدّم التزاماتها على حساب الزينة والملابس والحلويات، لتبقى الأعياد مجرد عبور هادئ على دفتر الحياة اليومية.