أخبار اليوم – عواد الفالح - رغم ما يحمله العيد من فرص للتسامح وتوطيد الروابط العائلية، إلا أن كثيرين باتوا يمرّون بهذه المناسبة دون أن يطرقوا أبواب أقاربهم، أو يتبادلوا معهم حتى أبسط عبارات التهنئة. ظاهرة قطع الأرحام أصبحت واقعًا يتسلل بصمت، ويتسع عامًا بعد عام، تحت ذرائع وظروف مختلفة.
في حديث الناس، تكررت عبارة واحدة: "شوفة إخواني تسوى الدنيا وما فيها"، لكنها باتت عند البعض مجرّد ذكريات، بعد أن انشغلت القلوب، وتفرقت الأقدام، وعلّقت صلة الرحم على شماعة "الظروف"، سواء كانت اقتصادية أو نفسية أو اجتماعية.
يقول أحد المواطنين: "ما في شي بيمنع الواحد يشوف أخوه أو يرفع سماعة تليفون، بس للأسف ناس كتير صار عندها الحكي والزيارة ثقيل، وكأن الدم ما عاد يربطنا". بينما يضيف آخر: "قطع الرحم مش حجة، هو قرار، واللي عنده نية يوصل رحمه بيلاقي ألف وسيلة، مش شرط بالمال... حتى السلام بيكفي".
في المقابل، يبرّر آخرون هذا الانقطاع بضغوط الحياة، ووطأة المسؤوليات، معتبرين أن بعض القطيعة لا تأتي من قسوة القلب، بل من ضيق الحال وتراكم الانشغال. "الناس تعبانة"، يقول أحدهم، "وبالكاد تلحق على بيتها، فكيف تزور أو تبادر؟".
ورغم هذه التبريرات، تبقى صلة الرحم أكبر من أن تُؤجل، وأعظم من أن تُختزل في زيارة موسمية. فهي قيمة أخلاقية ودينية، قبل أن تكون واجبًا اجتماعيًا. وقد أجمع كثيرون على أن القطيعة، مهما كانت أسبابها، تخلق مساحات من الجفاء، وتترك خلفها ندوبًا لا تُرى بالعين، لكنها تُحس في القلب.
العيد، كما يقول أحد كبار السن، "يخسر نصف فرحته إذا ما سمع الواحد كلمة (يا هلا يا خوي) من على باب بيت أخوه أو خاله". فهل تُعيدنا الأعياد القادمة إلى بساطة اللقاء؟ أم ستبقى القطيعة عادة مغطاة بحجج واهية... تخفي فراغًا عميقًا اسمه البُعد؟