أخبار اليوم – تالا الفقيه - قال الخبير التربوي نور الدين نديم إن ملف القبول الموحد في الجامعات الأردنية بات من أكثر الملفات حساسية، نظرًا لأنه يمس عشرات آلاف العائلات كل عام، مشيرًا إلى أن الواقع الرقمي للتعليم العالي يعكس حجم التحديات المتراكمة.
وأوضح نديم أنه في العام الدراسي 2020 بلغ عدد الطلبة في الجامعات الأردنية حوالي 475 ألف طالب وطالبة، توزّعوا بين الجامعات الحكومية والخاصة، مع تركز النسبة الأكبر في الجامعات الحكومية بسبب الأوضاع الاقتصادية وظروف الأسر المالية. وأشار إلى أن الضغط يتركز في جامعات الوسط والشمال، نظرًا للكثافة السكانية، فيما يقل نصيب الجنوب من الطلبة.
ولفت إلى أن نسبة الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس توضح حجم الضغط على الجامعات الرسمية، حيث يبلغ المعدل 36 طالبًا لكل أستاذ، مقابل 30 طالبًا لكل أستاذ في الجامعات الخاصة، وهو ما ينعكس على جودة المخرجات التعليمية.
وبيّن أن وحدة تنسيق القبول الموحد استقبلت للعام الجامعي 2025/2026 أكثر من 78 ألف طلب التحاق، في حين لا تستوعب الجامعات الحكومية أكثر من 40 ألف طالب وطالبة في مرحلة البكالوريوس، ما يعني أن آلاف الطلبة سيُحرمون من مقعد في الجامعات الحكومية. وقال: "في العام الجامعي 2023/2024 على سبيل المثال، تم قبول 36,425 طالبًا فقط، وهذا يترك مصير بقية الطلبة في خيارات محدودة وصعبة."
وأضاف أن من لا يحصل على مقعد حكومي يُدفع باتجاه برنامج الموازي برسوم مضاعفة، أو نحو الجامعات الخاصة التي تضم اليوم ما يقارب 175 ألف طالب أي نحو 37% من إجمالي طلبة المملكة، لكن هذه الرسوم المرتفعة تضع عبئًا كبيرًا على الأسر غير القادرة ماليًا، ليصبح التعليم امتيازًا للقادرين بدل أن يكون حقًا للجميع.
وأشار نديم إلى أن المشكلة لا تتوقف عند الطلبة أصحاب المعدلات المتوسطة، بل تطال حتى المتفوقين ممن تزيد معدلاتهم على 96%، إذ أن أعداد المقبولين في تخصصات الطب وطب الأسنان محدودة جدًا تحت مبرر "ضبط الأعداد وتحسين الجودة"، وهو ما انعكس على رغبات الطلبة، وأدى إلى تعزيز سوق الجامعات الخاصة التي تقدم نفس التخصصات لكن برسوم مرتفعة.
وشدد على أن هذا الواقع يطرح تساؤلًا جديًا: هل التعليم العالي في الأردن حق أم سلعة تُعرض لمن يملك الثمن؟ مؤكدًا أن استمرار الوضع بهذا الشكل يؤدي إلى شباب محبطين وأسر مثقلة بالديون.
واقترح نديم جملة حلول، أبرزها: رفع القدرة الاستيعابية للجامعات الحكومية تدريجيًا، تخفيض رسوم الموازي، توسيع برامج المنح والقروض بشكل عادل، وتحميل الشركات الكبرى جزءًا من مسؤوليتها الاجتماعية في دعم التعليم. كما دعا إلى تشجيع التوجه نحو التخصصات التقنية والمهنية التي توفر فرص عمل، بدلًا من حصر الطموح في تخصصات الطب والهندسة.
وختم نديم بالتأكيد أن التعليم العالي يجب أن يظل حقًا أساسيًا لا رفاهية، قائلاً: "علينا أن نقرأ هذه الأرقام بوعي، وأن نعلّق الجرس لننهض بمستوى التعليم العالي، ونضمن مستقبلًا أكثر عدالة لأبنائنا وبناتنا."