(أخبار اليوم – ساره الرفاعي)
يرى المحلل الاقتصادي أ. زكريا العشيبات أن فرص التوظيف الحكومية المتاحة للشباب في محافظة الكرك لا يمكن اعتبارها مساوية لتلك المتاحة في باقي المحافظات، مشيرًا إلى وجود تفاوت واضح ناتج عن عوامل أساسية أبرزها المركزية في التعيين وضعف حجم الاستثمارات الحكومية والخاصة في إقليم الجنوب عمومًا.
العشيبات أوضح أن رؤية التحديث الاقتصادي وضعت التشغيل والعدالة في توزيع الفرص ضمن أولوياتها، وأكدت أن الحكومة لن تبقى المشغّل الأكبر، بل ستفتح المجال أمام القطاع الخاص لجذب الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة. غير أن نجاح هذه الرؤية يتطلب أن يلمس المواطن في الكرك أثرًا مباشرًا على حياته داخل المحافظة، وأن يشعر بأن فرصه لا تقل عن فرص الشاب في إربد أو عمّان أو المفرق.
ويشير إلى أن التحدي الحقيقي يتمثل في إصلاح الجهاز الحكومي وتعزيز الشفافية والكفاءة في التوظيف، بحيث تُبنى الفرص على الكفاءة والاحتياج الفعلي لكل محافظة، لا على الموقع الجغرافي أو الواسطة. فالمطلوب وجود عدالة شاملة تراعي النوع والتوزيع الجغرافي للسكان، لا مجرد الأرقام. صحيح أن سكان الجنوب لا يتجاوزون 8% من إجمالي سكان المملكة، لكن هذا لا يبرر حرمانهم من فرص متكافئة، بل على العكس يستوجب النظر إلى النوع والتوزيع الجغرافي في السياسات الحكومية.
ويضيف العشيبات أن استمرار الهجرة من الكرك والجنوب إلى عمّان والشمال بحثًا عن الفرص دليل على غياب التوازن. وهو ما يتطلب من الحكومة وضع خطط استراتيجية واضحة تستند إلى التوزيع العادل للفرص، وإطلاق مشاريع لا مركزية في الجنوب، إلى جانب تطوير أدوات الرقابة والمتابعة لضمان تطبيق هذه المشاريع بعدالة وشفافية.
ويختم بالتأكيد على أن أي تحديث اقتصادي أو إداري أو سياسي لن ينجح ما لم يشعر شاب الكرك والجنوب بأن فرصهم متساوية مع غيرهم. فالعدالة في توزيع الفرص ليست خيارًا ثانويًا، بل أساس في بناء الثقة الوطنية، ولا بد من شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص لضمان توزيع عادل ومتوازن للفرص بين جميع أبناء الوطن، ومنح شباب الكرك حقهم الكامل في الحصول على فرص حقيقية على أرض الواقع.