د. مفضي المومني
أفضت اجتماعاتُ وكولساتُ النوّاب… ولقاءاتُ المناسف… والدواوينُ إلى تعيينِ رئيسِ المجلس (مع الاحترامِ لشخصه)… وتخلّل حراكَ التعيينِ جاهاتٌ ووجاهاتٌ… وعراكٌ بالأيدي… وتنازلاتٌ… أفضت إلى ما أُعلن.
منذ عودةِ الحياةِ البرلمانيّة… قد يكون برلمانُ 1989 الأفضلَ تمثيلًا وفعلًا… لأنّه كان نتاجَ الشعبِ وإرادته… وما تلاه من مجالسَ كانت نتاجَ القوننةِ الموجَّهةِ لقانونِ الانتخاب… والصوتِ الواحدِ والدوائرِ الوهميّة… والوطنيّةِ والتعيينِ ذو الرقم (84)…! إلى أن وصلنا للقوائمِ الحزبيّة… والتي بيعت بعشراتِ الآلافِ باعترافِ العارفين… ليصلَ للمجلسِ صاحبُ المالِ والمتنفّذ… لتفقدَ التجربةُ هدفَها… وتزرعَ الأحزابُ الناشئةُ والمنشَأةُ إسفينًا في نعشِ حزبيّتِها… إلّا من رحم ربّي…! ويُنعتُ الكثيرُ من العارفين المجلسَ الحاليَّ بأنّه الأضعف… ودخله من لا يستحقُّ تمثيلَ الشعب… بالمالِ أو العيال… أو فذلكةِ القوائمِ و(احملني بحملك)…!.
ما علينا… تعوّدنا على مجالسِ النوّابِ التي لا تنوبُ عنّا… وشاركنا دائمًا بالفشل (لأنّنا أوصلنا من لا يستحقّ… على قاعدةِ البيعِ والشراء… والعصبيّة… والجهلِ المدقع) ودعمنا بذلك قوانينَ الانتخابِ المشذّبة حدَّ التعيين… ناهيك عن التدخّلاتِ من هنا وهناك… وقد تكون في محلِّها أحيانًا وأحيانًا لا تكون…!.
ما زلنا نراوحُ مكانَنا… ونستنكرُ الديموقراطيّةَ وقواعدَ الدستورِ في تصرّفاتِنا… وآخرُها انتخابُ رئيسِ المجلس (والذي سينجحُ بالتزكية كما أُعلن… ومع أنَّ الرئيسَ السابقَ ومن قبله كان معروفًا لدى العامّة قبل الانتخاب بثلاثةِ أشهر… ولكن من باب ذرِّ رمادِ الديموقراطيّة نجح بالانتخاب..! ) وحتى هذه بمثالبِها استنكرَها علينا نوّابُ الأمّة… وبدلَ أن تُجرى انتخاباتٌ… يُؤسَّسُ لها بتفاهماتٍ سياسيّةٍ وطنيّة… ونحتكمُ لها… نعودُ لثقافةِ التزكية… و(المونات… المُدجَّجةِ بالتخجيلِ والتبجيل… والجاهاتِ والوجاهات… ومناسفِ آخرِ الليل… وتقسيمِ الكعكة… وتجاهلِ جبهةِ العملِ والمستقلّين وبقيّةِ الأحزاب..! ).
كما أسلفتُ؛ القضيّةُ ليست شخصَ الرئيسِ القادم وله كلُّ الاحترام… القضيّةُ ترسيخُ أسسِ الديموقراطيّة ولو ما زالت هشّةً بيننا… ووجودُ حراكٍ برلمانيٍّ وتكتّلاتٍ وطنيّةٍ ببرنامجٍ مُعلنٍ مطلوبٌ من شخصِ الرئيس… ومن ثمَّ الاحتكامُ للتشريعات… والانتخاب… ليشعرَ كلُّ نائبٍ أنّه قام بدورِه ولم تختزلْه وتفرضه(مجموعةُ الواجهة)… ونشعرَ نحنُ كشعبٍ وناخبين أنَّ صوتَنا وصل وله تأثير… ولا أعرفُ كيف يسوّق البعضُ لقضيّةِ التزكية… (لعدم شقِّ المجلسِ والتأثيرِ على وحدتِه..!) والأصلُ أنَّ الأعرافَ البرلمانيّةَ والتشريعاتِ وتطبيقَها… هي من يُعمّق الفعلَ النيابيَّ والديموقراطيَّ ويمدُّ المجلسَ بالقوّة… وعلى الوطنِ فليتنافس المتنافسون…!.
لم يُقنعْ ما حصلَ الغالبيّة… وهم غيرُ مقتنعين بأداءِ المجلس من قبل… وحتى في فترةِ إجازةِ المجلسِ الطويلةِ لم نشعرْ كمواطنين بفراغ… والباقي عندكم…!.
حمى الله الأردنّ