أخبار اليوم - بأمعاء خاوية، وعيون يملؤها الجوع والخوف، يقف عشرات آلاف المواطنين بين أنياب الموت في انتظار الشاحنات المحملة بالطحين والمساعدات الإغاثية، على شارع الرشيد غرب غزة. صار هذا المشهد يوميًا مع اشتداد المجاعة المرافقة لحرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع الساحلي، الممتدة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ما إن تظهر في الأفق الشاحنات المحملة بكميات قليلة من الطحين، يتحول المشهد إلى فوضى عارمة، تدافع، وصراخ، وأيادٍ تمتد لانتزاع أكياس الطحين.
"لم أعد أملك شيئًا، لا مال ولا طعام"، يقول محمود الكفارنة، وهي أب لثلاثة أطفال، يقف حافي القدمين ويحمل سكينًا صغيرة بيده. "أحاول منذ أيام الحصول على كيس طحين، لكن كل مرة يُنهب أمام عيني."
في ظل الحصار المستمر والحرب الدموية التي دمرت الحياة في غزة، أصبح الحصول على الغذاء معركة يومية يخوضها الجياع ممن استنفذوا المواد الغذائية ولم يعد لديهم ما يسد رمق أطفالهم. بينما تُغلق المخابز أبوابها، صارت الأسواق خاوية، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل فلكي، حتى وصل ثمن الكيلو الواحد من الطحين 70 شيكلاً وأكثر، وهو مبلغ يفوق قدرة الغالبية العظمى من الغزيين.
"ذهبت لشراء كيس طحين، فطلبوا مني 1600 شيكلاً"، يقول عبد العزيز رجب، رب أسرة من حي الزيتون. "لم أستطع توفير المبلغ، وعدتُ إلى أطفالي خالي الوفاض."
في هذا الواقع المرير، ظهرت عصابات تستغل حاجة الناس، فتقوم بنهب المساعدات وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية. "رأيتُ بأم عيني شاحنات المساعدات تنهب، ثم تباع محتوياتها في الأسواق."
وأضاف رجب "إنهم يسرقون قوت أطفالنا."
أما حازم حسونة، وهو مواطن نازح من شمالي القطاع إلى مدينة غزة، قال إن: العصابات لا تكتفي بنهب الطحين، بل تسرقه أحيانًا من بعض الأشخاص الذين استطاعوا انتزاع كيسًا واحدًا تحت تهديد السلاح.
وأضاف: إن هؤلاء اللصوص يهددون عمل المؤسسات الإغاثية، مما يُعيق وصول المساعدات إلى مستحقيها من المواطنين المجوعين في غزة.
المأساة الحاصلة في غزة، ليست ناتجة عن عمليات البلطجة والسرقة التي تقوم بها بعض العصابات فحسب، إذ إن جيش الاحتلال يشاركهم ذات الجريمة، حيث يجبر سائقي الشاحنات على المرور في مسارات معينة بغزة، والوقوف في مناطق قريبة من تمركز قواته، بهدف عدم إتاحة الفرصة لمشاركة عناصر التأمين في تأمينها ووصولها إلى مستحقيها، ما يتيح المجال لاعتراضها وسرقتها.
في ظل هذا الوضع المأساوي، يضطر بعض المواطنين لبيع ممتلكاتهم لتوفير الطعام. "بعتُ خاتم زواجي لشراء كيس طحين"، تقول أم خالد، كما عرفت عن نفسها، وهي أم لثلاثة أطفال.
أطفال غزة هم الضحايا الأكبر لهذه الأزمة، حيث تفيد معطيات أوردتها منظمات دولية، أنهم يعانون من فقر غذائي حاد، مما يُهدد حياتهم.
"أطفالي يبكون من الجوع، ولا أستطيع فعل شيء. صرت أشعر بالعجز والذل"، أضافت أم خالد بصوت خافت.
يشار إلى أن 30 مواطنًا على الأقل استشهدوا، بنيران جيش الاحتلال خلال انتظارهم شاحنات الطحين القادمة عبر ما يسمى "محور نيتساريم"، جنوب مدينة غزة، فيما أصيب 100 آخرين على الأقل، صباح أمس، وفق معطيات رسمية.
في هذا المشهد الكارثي، تنزف غزة جوعًا وحرمانًا، بينما لم يفقد المواطنون آمالهم بإنهاء الحرب وإغاثتهم بالمساعدات الإنسانية قريبًا.
المصدر / فلسطين أون لاين