ما الذي يعنيه ضم الضفة الغربية؟

mainThumb

23-10-2025 09:43 AM

printIcon

ليس غريبا تصويت الكنيست الإسرائيلي على قانون فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية بالمناقشة التمهيدية.
هذا التوصيت بالمناقشة التمهيدية حظي بتأييد 25 صوتا مقابل 24 معارضا، وهو رسالة تضاف إلى بقية الرسائل التي أطلقها الاحتلال خلال الأعوام الماضية، من حيث التصويت السابق أيضا ضد قيام دولة فلسطينية، ومن حيث تصريحات الاحتلال بالنية لضم الضفة الغربية، بما يعني من حيث المبدأ انتهاء مشروع الدولة الفلسطينية.


الضمانات الأميركية بعدم ضم أرض الضفة، مجرد ضمانات شكلية لغايات محددة، والرئيس الأميركي قال مؤخرا خلال استقباله لرئيس حكومة الاحتلال في واشنطن إنه يتفهم رفض الاحتلال إقامة دولة فلسطينية، وهذا يعني فعليا أن لا أرض مخصصة لدولة فلسطينية.
التصويت أيضا إعلان عن نهاية اتفاق أوسلو، وهذا الإنهاء تم عن طريق الحرب الدموية التي شنها الاحتلال على قطاع غزة، أحد جناحي مشروع الدولة التي تم الإعلان عن مشروعها في أوسلو 1993، مع خطط عدم الانسحاب الكلي من القطاع، وتهجير الفلسطينيين، ويضاف إلى ما سبق عملية تقطيع أوصال الضفة والتجفيف المالي، والسيطرة الأمنية والعسكرية، وتحويل الفلسطينيين إلى مجرد مجاميع سكانية بحاجة إلى إدارات بلدية، تحت مظلة قوة شرطية تضبط الأمن بالمفهوم الإسرائيلي، بكل معاييره.
مشكلة الاحتلال اليوم مع الضفة الغربية، باتت مشكلة سكانية لأن الاحتلال يريد التخلص من أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني إما بتهجيرهم إذا تمكن من ذلك، أو إخضاعهم لإدارات محلية لكل منطقة دون صلة بالثانية، وكأننا أمام تكريس للفصل والتقسيم الداخلي، فيما علينا أن نلاحظ أن عمليات السطو على الأرض والاستيطان في الضفة الغربية تضاعفت أصلا منذ اتفاقية أوسلو بأكثر من ثلاثين بالمائة، وهذا يعني أن الاحتلال استفاد من عملية السلام لتكريس وجوده في الضفة الغربية، وليس التوطئة للدولة الفلسطينية.
برغم أن التصويت ليس نهائيا إلا أنه خطوة في اتجاه نحو نقطة محددة، أي أن إسرائيل ستشرع في مصادرة كل السوار الريفي للمدن الفلسطينية، وسوف تسطو على المناطق الفارغة، وتحشر الفلسطينيين مؤقتا في أماكن تجمعاتهم مع تشظية الهوية الفلسطينية إلى هويات فرعية وفقا لمشروع الإدارات المحلية الذي قد ينشأ في مرحلة ما؟
الارتداد الإقليمي في المنطقة خطير جدا، وخصوصا، على الأردن الذي يعتبر أن بديل ضم الضفة الغربية أو عدم قيام دولة فلسطينية يعني بالضرورة محاولات إسرائيل استدراج الأردن لمساحة لا يريده؛ أي تحمّل كلفة ما يجري داخل الضفة سواء محاولات إقناعه بالإدارة داخل الضفة الغربية، أو تصدير الأزمة إليه عبر التهجير، أو حتى سيناريو اقتطاع مساحات من الأردن لتهجير أهل الضفة الغربية إليها، أو حتى محاولة إقامة وطن بديل بمشروع جديد في الأردن، وهذا يعني أن الضغط على خاصرة الأردن ليس وهما بل واقع.
الخلاصة هنا تقول إن فلسطين لم تهدأ، ولن تهدأ مع المهددات داخل قطاع غزة، والقدس حيث الحرم القدسي المستباح، وما يجري في الضفة الغربية، والأخطر هنا أن مجرد التصويت بالقراءة التمهيدية سوف يتسبب بتوتر شديد بين أهل الضفة الغربية مما قد يدفع بعضهم للبحث عن حلول مبكرة، قبل أن يشتد المشروع الإسرائيلي في الضفة، وهو مشروع يعرف الكل تفاصيله وإلى أين يصل؟.
قد يتراجع الاحتلال أمام الضغط الأميركي العلني، لكنه بالتأكيد يتحالف مع واشنطن، ويعرفان معا مستهدفهما النهائي في المنطقة، وهذا يعني أن الركون إلى الضمانات مجرد إضاعة للوقت والعمر.