أخبار اليوم - أكد مدير برنامج التأهيل المجتمعي في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، مصطفى عابد، أن واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة يزداد مأساوية مع استمرار الحرب، فقد باتت المنظومة الصحية والتأهيلية عاجزة عن تلبية أكثر من 1% من احتياجات هذه الفئة، مقارنة بما لا يتجاوز 10% قبل الحرب.
وأوضح عابد في حوار مع صحيفة "فلسطين" أن الإغاثة الطبية، باعتبارها عضوًا فاعلًا في قطاع التأهيل ضمن شبكة المنظمات الأهلية، تقدم خدمات شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال استراتيجية التأهيل المجتمعي، وتشمل العلاج الطبيعي والوظيفي، وخدمات النطق واللغة، والدعم النفسي، والتربية الخاصة، إضافة إلى برامج دمج الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس بعد تقييم احتياجاتهم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووكالة الغوث.
وأشار إلى أن المؤسسة تمتلك خبرة تمتد لأكثر من 28 عامًا في مجال الإعاقة والتأهيل، وتعمل على تطوير كادرها بشكل مستمر عبر التدريب الشهري، إضافة إلى إشرافها على تدريب طلبة الجامعات في تخصصات العلاج الطبيعي، والتربية الخاصة، والإرشاد النفسي.
وبخصوص تأثير الحرب، قال عابد: "تعرضت مراكزنا ومؤسساتنا للدمار والنزوح، وفقدنا عددًا من كوادرنا بين شهيد ونازح، ما أدى إلى انهيار في تقديم الخدمات الأساسية، واضطررنا على إثرها للعمل بآليات بديلة مثل العيادات المتنقلة، إلا أن هذه الخدمات لا تغطي سوى الحد الأدنى من الاحتياجات".
وتتوافق هذه الشهادات مع تقرير منظمة الصحة العالمية الذي أكد أن نحو 70% من الأشخاص ذوي الإعاقة لم يتمكنوا من الحصول على خدمات التأهيل منذ بداية الحرب، في حين توقفت الأجهزة التعويضية بالكامل عن الوصول إلى غزة، مما أدى إلى شلل شبه كامل في حياة آلاف الأسر.
وبيّن عابد أن القصف المستمر وصعوبة التنقل والنزوح الجماعي جعل الوصول إلى الأشخاص ذوي الإعاقة أو وصولهم إلى الخدمات شبه مستحيل، مؤكدًا أن الأدوات المساعدة والأجهزة التعويضية توقفت بالكامل، ما شل حياة آلاف الأسر.
وتشير بيانات التجمع العالمي للحماية إلى أن أكثر من 134 ألف فلسطيني أصيبوا خلال الحرب، من بينهم نحو 40 ألف طفل، 25% منهم يعانون من إعاقات جديدة تتطلب علاجًا وتأهيلًا طويل الأمد، وهو ما يضاعف حجم الكارثة.
وفيما يتعلق بالنساء ذوات الإعاقة، أوضح عابد أن الإغاثة الطبية وفرت لهن بعض المستلزمات الصحية وربطتهن بخدمات الدعم النفسي عبر مؤسسات نسوية مثل جمعية عائشة وبرامج الصحة النفسية.
وأكدت منظمة Humanity & Inclusion أن النساء ذوات الإعاقة في غزة يواجهن "إعاقات مركبة" بفعل الحرب، إذ تضاف الصدمات النفسية والاكتئاب والقلق إلى معاناتهن الجسدية، في ظل غياب الحماية والأماكن الآمنة.
وشدد عابد على أن "النساء ذوات الإعاقة أصبحن يعانين من إعاقات مركبة خلال الحرب، ليس فقط الجسدية، بل النفسية والاجتماعية أيضًا، مثل اضطرابات الصدمة، والقلق، والاكتئاب، والخوف، والفقد".
وفي جانب الحماية من العنف، أكد عابد أن غياب الأماكن الآمنة جعل ذوي الإعاقة عرضة لانتهاكات متواصلة، خاصة في مراكز الإيواء والخيام التي تفتقد الخصوصية.
ويعزز ذلك ما ذكرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش، بأن الأشخاص ذوي الإعاقة في مراكز الإيواء يواجهون خطر التهميش والعنف، ويفتقدون الخصوصية والخدمات الأساسية، ما يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوقهم الإنسانية.
وأوضح عابد أن الإغاثة الطبية تعمل، بالحد الممكن، على رصد الحالات والتعامل معها من خلال الأخصائيات النفسيات وإحالات التعاون مع المؤسسات النسوية والحقوقية.
وختم عابد بالتأكيد على أن ما يتعرض له الأشخاص ذوو الإعاقة في غزة لا يمكن وصفه إلا بانتهاك شامل لحقوقهم، قائلاً: "الاحتلال حرم ذوي الإعاقة من أبسط حقوقهم، من العلاج والتعليم إلى الحماية والعيش بكرامة. واقعهم اليوم هو مرآة لمعاناة غزة بأكملها، لكن بشكل مضاعف وأكثر قسوة".
وهو ما أكدت عليه كذلك وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، التي أشارت في بيانها الأخير إلى أن أكثر من 12 ألف حالة بتر جديدة ظهرت منذ بداية الحرب، من بينهم نحو 5 آلاف طفل، مؤكدة أن ذوي الإعاقة أصبحوا من أكثر الفئات تضررًا وحرمانًا من أبسط مقومات الحياة.
فلسطين أون لاين