الكتابة على الرمال

mainThumb
الكتابة على الرمال

07-10-2025 02:56 PM

printIcon

عميد ركن متقاعد ايمن الروسان

في وقت بالغ الحساسية تمرّ فيه المنطقة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة إعلان مبادئ للتوصل إلى حل جملة من القضايا في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، ليقال في نهايتها إن الرئيس ترامب أوقف الحرب، واستحق على أثرها جائزة نوبل للسلام. لكن هذه الخطة أعادت إلى الأذهان خطاب الهيمنة ومحاولات فرض الأمر الواقع، بما يحمله ذلك من تهديد مباشر لمنظومة الأمن الإقليمي ومصالح دول المنطقة، كما أنها تبدو مليئة بالثغرات، مكتوبة على الرمال وغير قابلة للتطبيق بسهولة، صيغت بتماهي إسرائيلي، ما وضع حركة حماس في مازق بين خيارات محدودة: فهي لا تستطيع قبول الاستسلام، ومن جهة أخرى من الصعب عليها عرقلة الخطة، خاصة مع الضغط الأمريكي الكبير لدفع الأطراف نحو إبرام اتفاق يؤدي إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة، التي أتمت عامها الثاني أمس.

توافدت وفود الوسطاء والطرفان المتنازعان على منتجع مصري على ضفاف البحر الأحمر لإجراء محادثات شديدة الحساسية. وفد إسرائيل حضر أولياً بتشكيلة أولية بدون مشاركة المستوى القيادي الأعلى، على أن ينضم لاحقاً “رون ديرمر” بحسب تقدم الاجتماعات، بينما جاءت حماس ممثلة بشخصية مركزية تمتلك القرار، وهي التي تحدد جدية الطرفين في المفاوضات. فيما سينضم الوفد الأمريكي لاحقاً، على رأسه جاريد كوشنير وويدكوف، فيما يراقب من بعيد توني بلير بصفتة عراب الوصاية.

الفرق الفنية في شرم الشيخ تجري حالياً محادثات غير مباشرة ومفصلة حول ترتيبات أمنية وميدانية، تهدف إلى تمهيد الطريق لإدخال المساعدات وإنجاز عملية تبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو 1,700 بعد 7 أكتوبر، بينهم 250 مؤبد. كما تشمل الخطة إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي إلى “الخط الأصفر” المحدد وفق الخطة. الهدف الأساسي هو تنفيذ بنود الخطة الأمريكية المكونة من 20 نقطة.

لكن الخلافات الرئيسية لا تزال قائمة. إسرائيل تطالب بنزع سلاح حماس بالكامل، في حين تطالب الأخيرة بدور في أي هيئة حاكمة جديدة في غزة، وضمان مرور آمن لكبار الشخصيات عند مغادرتهم القطاع، بالنظر إلى استهداف إسرائيل الأخير لقادة الحركة. هناك تخوف من تراجع مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وعدم التزامه بالخطة، التي قد تهدد استقرار حكومته، خاصة أن أي انسحاب مشروط بعودة آخر رهينة.

ويتوقع أن يحاول نتنياهو عرقلة وصول المساعدات وإطلاق سراح السجناء، خاصة أصحاب الأحكام الطويلة، وقد يدفعه شعوره بتحرر من الضغوط بعد ذلك إلى العودة إلى التصعيد العسكري. وحتى الرئيس ترامب قد يكون غير معني كثيراً في حال فشل التنفيذ، في ظل مواقف الشخصيات الإسرائيلية المتشددة مثل سيموترش وبن غفير، التي قد تعرقل أي اتفاق.

الضمان الوحيد لنجاح الخطة هو وجود وسطاء فاعلين، عرباً وأمريكيين، يراقبون الالتزام بالاتفاق ويمنعون العودة إلى الحرب، وإن كانت احتمالية التصعيد ستظل قائمة، خاصة قبل إنهاء ملف الأسرى، إذ أن أي قتال جديد سيواجه معارضة من الجيش، الشارع، والمنطقة والعالم.