حين ينهار كل شيء ويبقى الأمل .. قصة صمود الشاب عطوة

mainThumb
حين ينهار كل شيء ويبقى الأمل.. قصة صمود الشاب عطوة

18-05-2025 10:02 AM

printIcon

أخبار اليوم - في حي الزيتون بمدينة غزة، كان محمد وليد عطوة، الشاب الثلاثيني، يخطو بثبات نحو تحقيق أحلامه. فبعد إنهائه الثانوية العامة، لم يتوجه إلى مقاعد الدراسة الجامعية، بل اختار طريق العمل، حيث وجد شغفه في مصنع للرخام. ومنذ ما يقارب 12 عامًا، وهو يعمل دون كلل أو ملل، مجتهدًا ومدّخرًا كل قرش لتجهيز شقته، وحلمه الذي كان يراه يقترب يومًا بعد يوم.

نزوح وفقد

مع اندلاع الحرب، اضطر عطوة وعائلته إلى النزوح من منزلهم، تاركين خلفهم كل ما بنوه. فالقصف المستمر، واستهداف كل ما هو متحرك وساكن، دفعهم لاتخاذ قرار صعب بالنزوح نحو جنوب قطاع غزة، تاركين خلفهم أحلامًا ومستقبلًا بأكمله.

ويقول لصحيفة "فلسطين": "لقد كان القصف عنيفًا جدًا، ومجازر تُرتكب بحق عائلات بأكملها، فكان قرار النزوح منذ بداية الحرب".

وفي 5 ديسمبر 2023، تلقى عطوة صدمة كبيرة باستشهاد شقيقه هشام، الذي كان له بمثابة الأخ والصديق والسند. يتابع: "فقدت جزءًا من روحي برحيل هشام، كان هو من يخفف عني كل مصاعب الحياة. وازدادت علاقتنا تماسكًا خلال فترة بناء البيت، وعندما نزحتُ وعائلتي، رفض هشام النزوح، فتركت قلبي معه".

الشهر الماضي، ومع تصاعد وتيرة القصف، نزح محمد من دير البلح إلى النصيرات، ثم إلى مدينة رفح. وهناك، تلقى خبرًا مفجعًا: قصفٌ إسرائيلي دمّر منزلهم في غزة بالكامل. يقول بأسى: "شعرت أن كل أحلامي تبخرت في لحظة، كل ما بنيته على مدار سنوات ذهب أدراج الرياح".

إصابة وبتر

أثناء وجوده في رفح، داخل بيت مصنوع من الزينكو، استيقظ عطوة على صوت انفجار هائل. قصفٌ إسرائيلي استهدف منزلًا مجاورًا، وأدى إلى تطاير شظايا أصابته مباشرة، مما تسبب في بتر ساقه اليمنى على الفور، وإصابة ساقه اليسرى بكسور وحروق. يروي: "كان مشهدًا صعبًا وقاسيًا، خاصة على والدتي وشقيقتي، اللتين أصيبتا بصدمة كبيرة بعد هذه الأحداث المتسارعة من حرب ونزوح واستشهاد شقيقنا، ثم قصف المنزل وإصابتي".

دخل عطوة بعد تلك الأحداث الصعبة في مرحلة من التكيّف والصمود. فالشظية التي أصابته أدّت إلى بتر رجله اليمنى، بينما تعرّضت الأخرى لكسور وحروق.

ويتابع: "بعد الإصابة، بدأتُ رحلة صعبة للتأقلم مع وضعي الصحي الجديد. في البداية استخدمت كرسيًا متحركًا، ثم استبدلته بعكازين، لأعتمد على نفسي في كل صغيرة وكبيرة".

"لم أكن أريد أن أكون عبئًا على أحد. كنت مصممًا على استعادة استقلاليتي"، يقول بعزيمة.

عاد محمد إلى غزة بروح أقوى وعزيمة أكبر، رغم فقد شقيقه وقصف منزله وبتر ساقه. وجدوا شقة لصديق لهم، وشعروا أن الحياة بدأت تعود رغم كل ما عاشوه. لكن، بعد استئناف الحرب، أصابت قذيفة إسرائيلية شقتهم، مما أدى إلى استشهاد جده وجدته، وتجدد الحزن في قلبه وقلب عائلته.

رغم كل ما مرّ به، يظل محمد مثالًا للإرادة الصلبة. يقول: "لن أسمح للحرب أن تسلبني حياتي. سأواصل الطريق، وسأبني من جديد. ورغم الإصابة، سأعود للعمل في مجال الرخام. فلا بد أن نواجه المعاناة والموت والدمار بإرادة لا تنكسر"

المصدر / فلسطين أون لاين