أخبار اليوم – سهم محمد العبادي
رغم محاولة وزارة التربية والتعليم في بيانها الأخير طمأنة الطلبة وأولياء الأمور بخصوص امتحان الرياضيات في شهادة الدراسة الثانوية العامة، إلا أن البيان ذاته ترك تساؤلات جوهرية دون إجابة، وابتعد عن الاعتراف بالمشكلة الحقيقية، وهي جودة بناء الأسئلة ومدى ملاءمتها لمتوسط قدرات الطلبة، لا لقدرات نخبوية محدودة.
البيان أشار إلى أن الامتحانات أُعدّت وفق "معايير تربوية دقيقة"، لكنه لم يوضح ما إذا كانت هذه المعايير منشورة أو تم بناء الأسئلة بناءً على جدول مواصفات فعلي يضمن التدرج في المستويات المعرفية. فالتأكيد على "دقة الإعداد" دون تقديم نموذج لهذا الإعداد لا يُكفي، خصوصًا في ظل احتجاجات منظمة من الطلبة والمعلمين على تركيبة الأسئلة وتعقيدها.
أما التذكير بأن "الأسئلة جاءت من داخل المنهاج"، فهو جواب تقني لا يُعالج المشكلة، فالسؤال قد يكون مأخوذًا من المنهاج نصًا لكنه صيغ بطريقة مركبة تتطلب مهارات تفكير متقدمة لا تتناسب مع الفئة العريضة من الطلبة. المصدر وحده لا يُبرر الصعوبة، بل طريقة البناء والتحفيز العقلي المطلوب هما الفيصل.
المفارقة الأبرز في البيان كانت اعتبار أن الشكاوى حول الرياضيات "أمر يتكرر سنويًا"، وكأن التكرار يُسقط الحُجّة. بل على العكس، فإن تكرار الجدل يُشير إلى خلل منهجي في تصميم الامتحان يجب أن يُعالج لا أن يُطبع. كما أن الاستشهاد بوجود طلبة حصلوا على العلامة الكاملة لا يلغي أن الامتحان قد لا يكون منصفًا للأغلبية، وهي الفئة التي يُفترض أن تُبنى التقييمات لأجلها.
وتأكيد الوزارة بأنها ستنشر لاحقًا نتائج تحليل أسئلة الاختيار من متعدد لا يعفيها من مسؤولية الشرح المسبق للمنهجية المتبعة في تصميم الأسئلة، بما يشمل معامل الصعوبة ومعامل التمييز، وهي أدوات علمية أساسية في تقييم جودة الامتحان.
أما التحذير من "أصوات مشككة لها مصالح تجارية"، فقد بدا محاولة لصرف النظر عن جوهر الاعتراض، وتحويل الجدل التربوي إلى معركة مع المنصات والدوسيات، رغم أن العديد من الانتقادات صدرت من داخل الغرف الصفية ومن معلمين رسميين، لا من أصحاب المحتوى التجاري.
بيان الوزارة حاول تقديم الطمأنينة لكنه لم يُجب على السؤال الأهم: هل كان الامتحان موزونًا في بنائه؟ وهل تمت مراعاة الفروقات الفردية من خلال تدرج فعلي في مستويات الأسئلة؟ أم أننا أمام امتحان يُفترض أنه يقيس، لكنه في الحقيقة يُرهق؟
خلاصة الأمر أن العدالة في التصحيح – كما ختم البيان – لا تُغني عن العدالة في الفرصة. والفرصة تبدأ من سؤال واضح، عادل، متدرج، ومبني وفق منطق تربوي لا تعقيد حسابي.