أخبار اليوم - عواد الفالح - أعاد تقرير تحدث عن تمتع النساء في الأردن بـ"صحة مالية أفضل من الرجال" الجدل حول العلاقة بين أوضاع الشباب الاقتصادية وارتفاع معدلات العنوسة، ليثير نقاشًا واسعًا بين الأردنيين حول عدالة توزيع الفرص، وأثر السياسات الاقتصادية على مسار المجتمع.
يرى كثيرون أن الحديث عن تحسّن الوضع المالي للنساء يتجاهل حقيقة أن الأزمة الاقتصادية تطال الجميع، لكنهم في الوقت نفسه يربطون بين ازدياد فرص عمل الإناث وتراجع حظوظ الشباب في سوق العمل، ما انعكس على قدراتهم المعيشية وخياراتهم الاجتماعية. ويؤكد بعض المعلقين أن "ارتفاع العنوسة في الأردن" ليس مجرد ظاهرة اجتماعية، بل نتيجة طبيعية لخلل اقتصادي، حيث تجد المرأة عملًا أو مصدر دخل (من وظيفة، أو نفقة، أو دعم عائلي) بينما يبقى الشاب عاطلًا عن العمل أو مثقلًا بالقروض.
ويذهب جانب آخر من التحليل إلى أن ثقافة "المرأة المستقلة" برزت بقوة في السنوات الأخيرة، مدفوعة بتحولات سوق العمل الذي أصبح يفضل الإناث في قطاعات متعددة مثل الشركات الخاصة ومراكز الخدمات، وهو ما عزّز خطابًا جديدًا حول مكانة المرأة في الاقتصاد، لكنه في المقابل غذّى شعورًا بالغبن لدى الشباب الذين يرون أنفسهم مهمشين.
الأمر لم يتوقف عند حدود العمل والدخل، بل امتد إلى المعادلة الاجتماعية؛ فالشاب الذي لا يستطيع بناء استقرار مالي يجد نفسه عاجزًا عن الزواج أو تأسيس أسرة، لتتضاعف معدلات التأخر في سن الزواج، وتتحول الظاهرة إلى ما وصفه البعض بأنها "قنبلة موقوتة" تهدد التوازن المجتمعي.
ومع ذلك، يحذر محللون من الانجرار إلى تحميل النساء مسؤولية أزمة هيكلية أعمق. فالمشكلة بحسبهم ليست في أن المرأة تحصل على وظيفة أو نفقة، بل في غياب سياسات تشغيل عادلة، وضعف الاستثمارات المنتجة، وترك السوق رهينة للبنوك والقروض والعمالة الوافدة. وهذه الأسباب مجتمعة هي ما أنتجت بطالة خانقة، وأفقرت الأسر، وأجّجت الشعور بعدم المساواة.
في المحصلة، يكشف الجدل حول "الصحة المالية للنساء" مقابل "معاناة الرجال" عن عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في الأردن، حيث تختلط صورة العنوسة بواقع الشباب، وتتداخل الحقوق الفردية مع السياسات العامة. ويبقى السؤال الأهم: هل يمكن معالجة هذه المفارقة بخطاب شعبوي وجدلي، أم أن الحل الحقيقي يكمن في إصلاح سوق العمل، وإيجاد فرص عادلة تعيد للشباب ثقتهم بمستقبلهم وقدرتهم على بناء أسر مستقرة؟
وكان البنك المركزي قد أظهر في تقرير الصحة المالية 2024 تحولاً إيجابياً في مؤشرات الصحة المالية للأسر والأفراد في الأردن مقارنة بعامي 2022 و2023، مع تراجع نسبة الفئات المصنفة "ضعيفة" وارتفاع نسب الفئات "المتأقلمة" و"ذات الصحة المالية الأفضل". وأوضح التقرير أن الإناث أكثر حفاظًا على صحتهن المالية من الذكور، استنادًا إلى استبيان شمل 6,278 مشاركًا، كما بيّن أن العاصمة تصدرت قائمة الصحة المالية السليمة، بينما جاءت المفرق في صدارة الضعف.
وسجّل التقرير تحسناً في مؤشرات الادخار والتقييم الائتماني، محذرًا في الوقت ذاته من مخاطر توسع الاعتماد على الائتمان واستمرار الفوارق الجغرافية والتعليمية، مؤكداً الحاجة إلى سياسات متوازنة تعزز وعي الأسر وتمنح الشباب فرصًا أكثر عدالة في مواجهة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.