المجاعة والإصابة والمرض .. ثالوث الإبادة يجتمع على جسد الشَّابِّ "درويش"

mainThumb
المجاعة والإصابة والمرض... ثالوث الإبادة يجتمع على جسد الشَّابِّ "درويش"

03-09-2025 02:21 PM

printIcon

أخبار اليوم - دون حراك لأطرافه السفلية، يجلس الشاب حذيفة درويش طريح الفراش، بعدما اجتمعت المجاعة والإصابة والمرض على جسده الذي لا يعكس عمره الثلاثيني في مشوار حياته.

"درويش" الذي تردد كثيرا على نادي رفع الأثقال ومارس العديد من الرياضة ككرة القدم والسباحة وركوب الدراجة الهوائية قبل العدوان، يجد نفسه فجأة في واقع مرير يعكس أهوال حرب الإبادة الإسرائيلية الجماعية المستمرة للشهر الـ23 على التوالي.

الضربة الأولى التي تلقاها "حذيفة" كانت بداية هذه "المقتلة" حينما قصفت طائرة حربية إسرائيلية منزل عائلته يناير/ كانون ثان 2024 ما أسفر عن استشهاد والده وإصابة أفراد أسرته بجروح متعددة.

بين ذاك التاريخ وحتى هذه اللحظة، خاض "حذيفة" رحلة طويلة مع العلاج ولم يستعد الشاب صحته وعافيته، نتيجة تدمير (إسرائيل) للمنظومة الصحية في غزة، ويوما بعد آخر نهشت الأمراض جسده الجريح وخاصة ساقيه اللتان تم إنقاذهما من ركام منزل عائلته المدمر.



وتقول منظمة الصحة العالمية إن حرب الإبادة الإسرائيلية تهدد النظام الصحي المصاب أصلاً بالضعف، بالانهيار التام، وسط تفاقم النزوح الجماعي للسكان والنقص الحاد في الغذاء والماء والإمدادات الطبية والوقود والمأوى.

لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب؛ بل شدد جيش الاحتلال حصاره العسكري مطلع مارس/ آذار الماضي بأوامر من رئيس وزرائه المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بنيامين نتنياهو، وأغلق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع حتى سادت المجاعة الكارثية بين السكان المدنيين البالغ تعدادهم 2.3 مليون نسمة.

ودفعت الكارثة الإنسانية وانتشار المجاعة في غزة التي حصدت أرواح 332 مواطنا بينهم 124 طفلا، بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (مبادرة عالمية متخصصة في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية)، للإعلان رسميا قبل أيام أن "المجاعة تتفشى في محافظة غزة".

وأكد التصنيف المرحلي -الذي يضم خبراء من دول عدة- أن "أكثر من مليون فلسطيني بغزة يواجهون انعداما حادا بالأمن الغذائي"، مشيرا إلى أن المجاعة تفشت في محافظة غزة اعتبارا من منتصف أغسطس/آب الماضي وستمتد إلى دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب)، في سبتمبر/أيلول الجاري.

ومنذ (مارس/ آذار – أغسطس/ آب) وجد "حذيفة" ذاته أمام قاسمة جديدة تتمثل بانعدام الطعام وسوء التغذية، لينهش التجويع بـ"صمت" جسده وصولا لعظام قفصه الصدري، وتتحول قدماه لـ"أعواد خشبية يابسة" لا يتجاوز سمكهما السنتيمتر الواحد.

بصدمة بالغة، لا يستطيع وصف حالته، قائلا: "لا أستطيع وصف الحالة التي وصلت إليها نتيجة الحرب وقلة التغذية ونقص العلاج .. باتت حياتي محاصرة بين الألم والحرمان".

يقلّب على هاتفه الذكي، صور جسده القديمة قبل الحرب حيث الحيوية والنشاط، ويتساءل: "هل هذا جسدا؟ وهذا (الواقع الجديد) جسدا؟" وذلك في إشارة لانعكاسات حرب الإبادة: الإصابة والمرض والمجاعة على جسده.

ومع الوقت، خضع "حذيفة" لعملية جراحية لتنظيف بقع حمراء تنتشر على جسده، كما يشكو من نقص العلاج وانعدام أدنى مقومات الحياة في غزة، ويضيف: "حتى هذه اللحظة (...) لا أستطيع إدراك إصابتي بسوء التغذية! لا أستطيع الحركة ولا أستطيع القيام بمهام حياتي".

وحاليا، يستند الشاب الثلاثيني على كتف شقيقه وفي بعض الحالات على اثنين للقيام بمهام بسيطة أدناها الذهاب إلى الحمام، وذلك بعدما التهم الجوع عضلات ذراعيه إلى جانب شكواه من حساسية في الصدر تخنق صدره كل ليلة بعدما امتلأ من ركام الدمار وبارود الصواريخ الإسرائيلية.

لا يتمنى "حذيفة" حاليا سوى فرصة في العلاج في الخارج وإنقاذ حياته من خطر الموت بالجوع أو الأمراض أو الصواريخ الإسرائيلية، مناشدا منظمة الصحة العالمية إنقاذه من الموت بالجوع أو "كابوس الإعاقة".

وتشير معطيات أممية إلى أن 132 ألف طفل تحت سن الخامسة من المتوقع أن يعانوا من سوء التغذية الحاد بين الآن وحتى منتصف العام المقبل.

ويصف المكتب الإعلامي الحكومي أن الاحتلال ينفذ سياسة "هندسة التجويع"، محذرا من أن الجوع وسوء التغذية سيحصدان مزيداً من الأرواح مع نقص المساعدات بنسبة بلغت 86%، علما أن أكثر من 95% من سكان غزة بلا دخل وسط تحذيرات من أن الجوع سيحصد المزيد من الأرواح خاصة بين الأطفال والمرضى وكبار السن.

ورغم سماح الاحتلال بإدخال مساعدات إنسانية محدودة خلال الأسابيع الماضية، إلا أن "الإعلام الحكومي" أحصى منع الاحتلال إدخال 430 صنفا من الأغذية إلى سكان غزة.

 فلسطين أون لاين