أبو شاويش .. أسير محرر يتفاجأ باستشهاد أسرته خلال حرب الإبادة على غزة

mainThumb
أبو شاويش.. أسير محرر يتفاجأ باستشهاد أسرته خلال حرب الإبادة على غزة

19-10-2025 03:08 PM

printIcon

أخبار اليوم - قبل خروج الأسير محمد شفيق أبو شاويش من سجنه الأخير "النقب"، اقترح عليه أحد الأسرى بأن "يتوقع أسوأ المشاهد والأخبار في غزة.. حتى لا يصاب بالذهول أو الصدمة!"، وذلك بعد عامين من حرب الإبادة الجماعية التي حصدت أرواح أكثر من 67 ألف شهيد.

لكن الذي رآه أبو شاويش (38 عاما) عقب اجتياز معبر "كرم أبو سالم" في الجانب الإسرائيلي ثم الدخول إلى مدينة رفح جنوبي القطاع، "أصعب وأعقد وأعجز مما يتخيله العقل والإنسان!"، بهذه الكلمات لخص مشهد الدمار الواسع الذي طال أحياء وأبنية المدينة الحدودية مع جمهورية مصر العربية.

"دمار واسع وشامل على امتداد بصر الإنسان"، يروي أبو شاويش شهادته البصرية حول الدمار في رفح: "لقد رأيت في رفح: أسوأ مما يتخيله العقل.. حجم دمار هائل هائل!".

وبعد وقت قصير من وصول حافلات الأسرى المحررين ضمن الدفعة الثالثة لصفقة "طوفان الأحرار"، مدينة خان يونس التي يقل الدمار الواسع فيها عن مدينة رفح، بحسب الشاهد، بدأت تختلط مشاعر المحررين بمجرد رؤية الناجين من حرب الإبادة وصولا لمجمع ناصر الطبي الذي كان محطة استقبال الأسرى وفحصهم طبيا؛ للاطمئنان على حالتهم الصحية.

في ذاك المكان الذي احتشد فيه آلاف المواطنين لاستقبال أبناءهم الأسرى، كان الأشقاء "أدهم" و"رياض" في استقبال شقيقهم المحرر دون بقية الأسرة.

لحظات فرح وسعادة تسللت إلى قلوب الأشقاء، دون الكشف عن "السر المؤلم" للمحرر الذي وصل منزل أسرته في "المخيم الجديد" شمال مخيم النصيرات وسط القطاع.

"وصلت المنزل.. وبدأت بالسلام على الأهل والأحبة والجيران.. وبعد وقت قصير من الراحة والهدوء.. سألت: أين أبي؟ أين أمي؟ أين إخوتي وأخواتي؟" يصمت الأسير المحرر ليقبض على نفسه داخل صدره ودموعه داخل عينيه ليكمل حديثه: "لقد كانت المشاهد والأخبار والحقائق أسوأ مما يتخيله العقل أو الإنسان!".

هنا تدخل الشقيق الأكبر المهندس أدهم، ليخبر شقيقه الأصغر بالأخبار رويدا رويدا باستشهاد الأسرة (7 أفراد) خلال استهداف إسرائيلي للمنزل أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية في "المخيم الجديد" شمال مخيم النصيرات.

شعور لا يمكن وصفه ولا يتمناه الناجي من سجون الاحتلال ويعيش حاليا سلسلة صدمات نفسية، حينما يتجول داخل مخيمه أو سؤاله عن الأهل والجيران والأصحاب لدرجة لم يعد يسأل فيها عن أحد! وذلك من هول الأخبار المحزنة والصادمة.

ولا يبدو أبو شاويش هو الوحيد الذي عاش هذه المأساة التي ذاقها عشرات الأسرى المحررين عقب الإفراج عنهم من سجون الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية التي دامت عامين.

"رحلة عذاب"

بالنسبة للأسرى داخل سجون الاحتلال فهم منقطعون عن جميع الأخبار التي تدور داخل غزة أو حتى خارج الأسوار، ولا يعلمون عنها إلا في حال قدوم أسير جديد للسجون المركزية – وحتى في هذه الحالة – يكون الأسير قد قضى عدة شهور في سجن القاعدة العسكرية "سدي تيمان" سيئ السمعة.

يعود تاريخ اعتقال الأسير لشهر مارس/ آذار 2024م وتحديدا أثناء العملية العسكرية المفاجئة على مدينة حمد السكنية غرب مدين خان يونس التي بدأت بسلسلة أحزمة نارية جوية محيط المدينة ومداخلها مع تقدم للآليات العسكرية لحصارها.

بحسب ذاكرة أحد سكان المدينة، كانت تلك اللحظات ليلا، وفي الصباح طلب الجيش من السكان عبر الطائرات المسيرة "كواد كابتر" النزول من الشقق السكنية والتوجه صوب الحاجز العسكري.

يعود بشريط الأحداث الذي "لا يمكن وصفه!" وتدافع السكان وإجراءات التفتيش العسكرية والتدقيق في الهوايا، وسط ذهول المدنيين (الصغار، الكبار، النساء، المرضى)، وفي مشهد من المشاهد التي لا يمكن نسيانها إعدام الجنود لأحد كبار السن الذي قوبل بالصراخ والبكاء من النساء والصغار.

بعد ذلك، طلب الجيش من جميع السكان العودة للشقق السكنية، ووسط الليل، اقتحم الجنود تلك الأبراج والشقق بالأعيرة النارية والغاز السام واعتقال جميع الرجال وبعض النساء.

وهنا: "بدأت رحلة العذاب.. رحلة ألم لا يمكن وصفها!" وفق حديث الأسير الذي قضى 4 شهور في "سديه تمان" وتعرض خلالها لألوان شتى من العذاب الجسدي والنفسي خلال فترة اعتقاله البالغ 18 شهرا قبل تحرر برفقة نحو 2000 أسير وأسيرة خلال الصفقة الثالثة من "طوفان الأحرار".

يقول في روايته: "اليوم 24 ساعة.. منها 20 ساعة تعذيب و4 ساعات نوم" وفي الساعات الأخيرة يقتحم الجيش عليك المكان بالقمع والشتائم ومن ثم العودة لوضعية جلسة التعذيب معصوب العينيين، مقيد اليديين، متنقلا بين غرفة وأخرى للتعذيب.

يصف ذاك السجن الذي خصصه جيش الاحتلال للمعتقلين من غزة بأنه "أسوأ مكان ومرحلة في تاريخ البشرية!".

يحاول الأسير المحرر حاليا الاندماج في أجواء الحياة داخل غزة بعد اتفاق وقف الحرب الذي وقع في مدينة شرم الشيخ المصرية، رغم الدمار والركام وفقدان الأهل والأحبة والجيران.

يحمد الله (عزوجل) على تلك الفترة التي لا تقاس بالشهور ولا بالأسابيع، وكُله أمله بالإفراج عن جميع زملائه الأسرى الذين يعيشون أياما "لا يمكن وصفها!، ولا يمكن اختصار مشاهدها!".

واستطاعت المقاومة الفلسطينية الإفراج عن 3985 أسيرا وأسيرة وعشرات جثامين الشهداء خلال 3 صفقات تبادل خلال معركة "طوفان الأقصى" التي انطلقت صبيحة السابع من أكتوبر 2023م.

ورغم تعرض الأسرى لخطوات قمعية إسرائيلية ممنهجة تخالف القوانين الإنسانية والدولية إلا أن مراقبون يصفون صفقات التبادل "طوفان الأحرار": بـ"الأهم والأكبر" في تاريخ الحركة الأسيرة وسط تعهد متكرر من قبل المقاومة بالإفراج عن جميع الأسرى.

 فلسطين أون لاين