‏هل تخرج رسائل «التغيير» من داخل البرلمان؟

mainThumb

21-08-2025 05:09 PM

printIcon

‏لعامين متتاليين؛ عام ما قبل التحديث السياسي وعام ما بعده، ظل رئيس مجلس النواب في مكانه، لم يتغير، ربما اقتضت الظروف ذلك، وربما أخطأ البعض في تقديرها، الآن يبدو أن أكثرية برلمانية تسعى إلى التغيير؛ المسألة لا تتعلق باسم الشخص الذي سيجلس على مقعد الرئاسة، مع أهمية ذلك، وإنما بالرسالة السياسية التي تحملها عملية «التغيير «، الدولة الأردنية، في المرحلة الصعبة القادمة، تحتاج إلى إيصال ‏ما يلزم من رسائل «التغيير» للأردنيين، لاستنهاض همتهم، وتطمينهم على مستقبلهم.

‏صحيح، جردة حسابات مجلس النواب الـ20 في عامه الأول، كما عكستها الاستطلاعات والتقييمات والانطباعات العامة، تبدو أقل بكثير من المطلوب والمأمول، حيث لم نشهد إفرازات إيجابية لعملية التحديث السياسي، لا على صعيد الأحزاب ولا الكتل ولا الأداء العام، لكن الصحيح، أيضاً، أننا أمام استحقاقات وتحولات تاريخيّة صعبة تقتضي «شدّ براغي» المجلس، واعادته إلى السكة الصحيحة، بحيث يكون له دور وصوت وموقف، سواء على صعيد الرقابة والتشريع، أو على صعيد التمثيل الشعبي؛ هيبة المجلس وقوته وصدقيته تنتصب على عمودين: إدارة المجلس، وأداء أعضائه.

‏في هذا الإطار، بدأت مبكراً، وعلى غير العادة، نقاشات واسعة بين عدد كبير من النواب للوصول إلى تفاهمات حول تجويد أداء البرلمان، واختيار الرئيس القادم وأعضاء المكتب الدائم، وفق معلومات اجتمع نحو 60 نائباً، وتوافقوا على اختيار مرشح من بين خمسة نواب أبدوا رغبتهم بالترشح لقيادة المجلس في السنة القادمة، ربما لا تنجح المحاولة، وربما نشهد مسارات أخرى للتنافس بين عدد من المرشحين بانتظار أن يحسم التصويت مَنْ صاحب النصيب، وربما تحدث مفاجآت لا نتوقعها الآن.

رئيس مجلس النواب الحالي، وفق معلومات أيضاً، لم يحسم حتى الآن موقفه، لكن ثمة مؤشرات تؤكد أن لديه الرغبة في الترشح، بالاستجابة لا بالمبادرة، ما حصل في جلسة ( 21 نيسان)، من نقاشات حول قرار الدولة بحظر (جماعة الاخوان) ما زالت أصداؤها تتردد داخل الفضاء العام، صورة المجلس تضررت كثيراً، ولا يمكن لأي تقييم حول أداء المجلس أن يتجاوز هذه الواقعة، السابقة (إن شئت) التي لا يقبل أحد ان تتكرر.

‏داخل المجلس، تتردد أسئلة عديدة حول ملفات عالقة، منها ملف حزب جبهة العمل الإسلامي، ومستقبل نوابه الـ 31، وفيما إذا كان حل الحزب وارداً او حل البرلمان بعد دورته القادمة وارداً أيضاً، ومنها ملف موقع ودور البرلمان، ورئاسته تحديداً، من الاستحقاقات السياسية القادمة على صعيد الداخل والإقليم ( للتذكير بدور برلمان 1994 )، ومنها ملف النفقات داخل المجلس في العام المنصرف، ومنها، أيضاً، ملف توزيع المواقع الإدارية وفق خرائط منصفة تعكس تنوع الحالة البرلمانية وبوصلة السياسة العامة، كل هذه الملفات وغيرها تحتاج إلى مراجعة شاملة وإجابات مدروسة وواضحة، تصبّ باتجاه إفراز مجلس برلماني قادر على تحمل مسؤولياته الوطنية، وباتجاه تغييرات حقيقية تعكس خيارات الدولة ودقة اختيار أدواتها، هل أقول رجالاتها أيضا؟

‏بقي نحو ثلاثة أشهر على موعد انعقاد دورة البرلمان القادمة، من المتوقع أن يشهد بلدنا خلالها العديد من المستجدات، الدولة -في تقديري- تتحرك باتجاه إعادة تقييم ومراجعة الأداء العام للمؤسسات في العامين المنصرفين، ثم وضع خطة وسيناريوهات للتكيف مع التطورات المتوقعة على صعيد الإقليم ومواجهة ما تحمله من أخطار وتهديدات، البرلمان جزء مهم من المشهد الداخلي، ليس -فقط - لأنه يعكس نتائج عملية التحديث السياسي، من جهة أين أخطأنا وأين أصبنا، وإنما لانه -أيضاً - يمثل «البوابة الشعبية»، اقصد إرادة الشعب، او هكذا يفترض، لإعطاء القرارات والخيارات شرعيتها لدى الأردنيين، باعتباره ممثلاً لهم.

هنا، يجب أن ندقق في الصورة عند التفكير بحسم اختياراتنا، مهم أن يتم التوافق على انتخاب مرشح كفؤ للرئاسة، مهم أن تكون علاقة البرلمان مع الحكومة متكافئة، مهم -أيضاً- أن يتمتع البرلمان، خلال المرحلة القادمة، بما يستحقه من هيبة وفاعلية ومصداقية، هذا كله يصب في المصلحة العليا للدولة التي نريد، جميعاً، أن تبقى قوية، لمواجهة الأعاصير والتحديات القادمة.