أخبار اليوم - عواد الفالح - تتواصل موجات الجدل الشعبي في الأردن عقب تصريحات رسمية أكدت أن المملكة أصبحت "نموذجًا متقدمًا" في تمكين المرأة على مستوى المنطقة. وبينما يُنظر إلى هذا التمكين في الأوساط الرسمية بوصفه إنجازًا حقوقيًا واجتماعيًا، يرى قطاع واسع من المواطنين أن ما يجري على أرض الواقع يتجاوز حدود التمكين إلى خلق اختلالات اجتماعية وأسرية واقتصادية عميقة، تهدد استقرار المجتمع وتماسك بنيته الأساسية.
ويؤكد مواطنون أن مفهوم "تمكين المرأة" تحوّل من دعم مستحق للمرأة في مجالات الصحة والتعليم والعمل، إلى فرض أجندات خارجية غريبة عن قيم المجتمع الأردني المستند إلى الشريعة الإسلامية والعادات الاجتماعية الراسخة، حيث أصبح الرجل مهددًا في موقعه الطبيعي داخل الأسرة والمجتمع، في ظل تزايد الامتيازات التشريعية والوظيفية الممنوحة للمرأة، مقابل تهميش دور الشباب وارتفاع معدلات البطالة والعزوف عن الزواج.
امتيازات قانونية ووظيفية تُقصي الشباب وتخلق فجوة اجتماعية
وفي الوقت الذي يعاني فيه الشباب الأردني من البطالة، تُمنح المرأة تسهيلات غير مسبوقة في شتى المجالات؛ بدءًا من فرص التوظيف عبر "الكوتا النسائية" في المجالس النيابية والبلدية، ومرورًا بتفضيلها في المؤسسات الحكومية والخاصة تحت شعارات "التمييز الإيجابي"، وصولًا إلى تسهيلات القروض والمشاريع الصغيرة المخصصة للنساء فقط، رغم أن الشباب هم الفئة الأكثر معاناة من الفقر والبطالة.
وتساءل مواطنون: "أي مساواة هذه التي تجعل الرجل وحده يتحمل مسؤولية النفقة ومصاريف الزواج والأبناء، بينما تُمنح المرأة الوظائف والمقاعد القيادية بالامتيازات؟ لماذا ننسى أن التمكين الحقيقي يكون بتحقيق العدالة للجميع لا بتفضيل طرف على آخر؟"
تفكك الأسرة وارتفاع معدلات الطلاق نتيجة اختلال التوازن الاجتماعي
وحذّر مختصون اجتماعيون من أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى مزيد من التفكك الأسري، مع ارتفاع مقلق في نسب الطلاق، التي أصبحت المحاكم الشرعية شاهدة عليها يوميًا. وتزداد الأزمة مع القوانين المتعلقة بحضانة الأطفال والنفقات، التي يرى كثيرون أنها أصبحت تميل لصالح المرأة دون اعتبار لدور الأب، مما يفاقم الأعباء النفسية والاقتصادية على الرجل ويدفعه أحيانًا إلى العزوف عن الزواج أو الهجرة بحثًا عن فرص وحياة أكثر عدلًا.
وقال أحد المواطنين لـ"أخبار اليوم": "أصبح الرجل لا يستطيع رؤية أطفاله إلا لساعات محدودة في الأسبوع، وفي حال زواج الأم تنتقل الحضانة تلقائيًا لوالدتها، فأي عدالة هذه؟ لقد جُرّد الرجل من حقوقه الأبوية، وتحول إلى مجرد ممول لاحتياجات لا يستطيع حتى متابعتها أو التأثير عليها."
مطالب بإعادة الاعتبار لدور الرجل ووقف استيراد النماذج الغربية
ودعا مواطنون ومختصون إلى إعادة الاعتبار لدور الرجل في الأسرة والمجتمع، وتصحيح هذا المسار الذي بات يهدد منظومة القيم الاجتماعية والدينية، ويغذي ظواهر خطيرة مثل ارتفاع معدلات الطلاق، وتأخر سن الزواج، وتزايد نسب العنوسة والبطالة.
وأكدوا أن تمكين المرأة يجب ألا يأتي على حساب تفكيك الأسرة وهدم الأدوار الاجتماعية المتوازنة التي شرعتها الأديان السماوية، وعلى رأسها الإسلام الذي حفظ للمرأة كرامتها وأعطاها حقوقها كاملة، دون أن ينتقص من مكانة الرجل أو يُلغيه كما تفعل بعض النماذج الغربية التي تسعى إلى فرض مفاهيمها الغريبة على مجتمعاتنا.
تمكين أم تغوّل اجتماعي؟
واختتم المواطنون رسالتهم للمسؤولين بالقول: "لسنا ضد تمكين المرأة في حدود العدالة والرحمة والتكافل الاجتماعي، لكننا ضد هذا التمكين الأحادي الذي يُقصي الرجال، ويُهمل الشباب الباحثين عن أبسط مقومات الحياة الكريمة. نريد قرارات تحافظ على الأسرة الأردنية المتماسكة، لا أن تُحول بيوتنا إلى ساحات صراع قانوني واجتماعي، يضيع فيها الأبناء وتنهار القيم."