أخبار اليوم - عواد الفالح - باتت مشروبات الطاقة خطرًا صامتًا يهدد صحة طلاب المدارس في ظل الانتشار الواسع لها بين الأطفال والمراهقين، خاصة مع سهولة توفرها في البقالات القريبة من المدارس والمنازل، دون أي رقابة أو قيود على بيعها لهذه الفئة العمرية. ويعمد العديد من الطلاب إلى استهلاك هذه المشروبات بشكل يومي، خصوصًا خلال فترات الامتحانات وأوقات الدوام المدرسي، بدافع البحث عن زيادة التركيز والنشاط، غير مدركين لحجم المخاطر الصحية التي تُحدق بهم.
ويحذر أولياء الأمور من تزايد اعتماد أبنائهم على مشروبات الطاقة بشكل لافت، مؤكدين أن هذه الظاهرة بدأت تنعكس سلبًا على صحة أطفالهم النفسية والجسدية، بل وحتى على سلوكهم داخل المنزل والمدرسة. ويحمّل الأهالي أصحاب المحال التجارية القريبة من المدارس جزءًا كبيرًا من المسؤولية، مطالبين بمنع بيع هذه المنتجات للأطفال والمراهقين حفاظًا على صحتهم وسلامتهم.
وبحسب تقارير طبية حديثة، فإن الإفراط في استهلاك مشروبات الطاقة يؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية، أبرزها اضطرابات النوم والأرق المزمن، وتسارع ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، فضلًا عن زيادة معدلات القلق والتوتر، وقد تصل المضاعفات إلى نوبات الهلع ومشكلات في الجهاز العصبي تؤثر سلبًا على التركيز والتحصيل العلمي.
وتؤكد الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن مشروبات الطاقة لا مكان لها إطلاقًا في النظام الغذائي للأطفال والمراهقين، محذّرة من أن الكافيين والمواد المنبهة الأخرى الموجودة في هذه المشروبات تسبب أضرارًا مباشرة على الجهاز القلبي والعصبي للأطفال، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية في سن مبكرة.
وتكشف تقارير مراكز مكافحة السموم في الولايات المتحدة عن ارتفاع حاد في حالات التسمم الناتجة عن استهلاك الأطفال لمشروبات الطاقة، حيث سُجّلت زيادة بنسبة 20% في بلاغات التسمم خلال عام 2023 مقارنة بالعام السابق، ما يعكس تفاقم هذه الظاهرة عالميًا.
ورغم كل هذه التحذيرات، تغيب التشريعات الواضحة والرقابة الفاعلة في العديد من الدول للحد من بيع هذه المشروبات للأطفال. وفي هذا السياق، يطالب خبراء الصحة العامة بضرورة فرض قيود صارمة على بيع مشروبات الطاقة، إلى جانب تكثيف حملات التوعية في المدارس ووسائل الإعلام حول مخاطرها، وضرورة تعزيز البدائل الصحية للأطفال مثل تناول العصائر الطبيعية وممارسة الأنشطة الرياضية لتحفيز النشاط الذهني والجسدي بطرق آمنة.
إن ترك هذه الظاهرة دون علاج يعني فتح الباب أمام جيل يعاني من أمراض مزمنة وأزمات نفسية منذ نعومة أظفاره، وهو ما يتطلب تحركًا جماعيًا من الأهالي والمؤسسات التعليمية والحكومية لحماية صحة أبنائنا وسلامة مستقبلهم.