أخبار اليوم - عواد الفالح - تتصاعد في مختلف المحافظات الأردنية شكاوى المواطنين من ارتفاع غير مسبوق في فواتير المياه، وسط ما يصفونه بـ"ظاهرة عدادات الهواء"، التي تُحمّل المستهلكين مبالغ لا تعكس الاستهلاك الفعلي للمياه، وتثير تساؤلات حول دقة القراءات وآليات الفوترة المعتمدة لدى شركات المياه.
ففي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة المياه وشركات التوزيع التزامها بنظام القراءة الدورية، يشير مواطنون إلى أن كثيرًا من الفواتير تصدر تقديرية دون قراءة فعلية للعدادات، ما يؤدي إلى مضاعفة الكميات المحتسبة على المشتركين. ويؤكد آخرون أن العدادات الجديدة "تحسب الهواء" المتدفق عبر الأنابيب بعد انقطاع المياه وعودتها، الأمر الذي يرفع كلفة الفاتورة بشكل كبير دون مبرر واضح.
ويصف بعض المختصين هذه الظاهرة بأنها إشكالية فنية وإدارية مزدوجة، إذ لا تتعلق فقط بآلية القياس، بل أيضًا بفترات القراءة الطويلة التي تتجاوز الشهر في بعض المناطق، ما يؤدي إلى تراكم الاستهلاك في فاتورة واحدة وارتفاع قيمتها بصورة مفاجئة.
وتلقت أخبار اليوم خلال الأيام الماضية عشرات الشكاوى من المواطنين في مختلف المحافظات، أكدوا فيها أن فواتيرهم الشهرية تضاعفت دون زيادة في كميات الاستهلاك، مشيرين إلى أن القراءات التقديرية أصبحت قاعدة لا استثناء. كما أوضح عدد من المشتكين أن اعتراضاتهم الرسمية لم تجد استجابة أو توضيحًا مقنعًا من شركات المياه، في حين أشار آخرون إلى غياب العدالة في احتساب الشرائح، وضرورة إعادة النظر في آلية الفوترة المعتمدة.
وفي هذا السياق، يتطلع المواطنون إلى مجلس النواب في دورته البرلمانية القادمة لفتح هذا الملف بشكل جدي، وإخضاع سياسات الفوترة والعدادات الجديدة لمراجعة شاملة، تضمن الشفافية والعدالة وتحمي المستهلك من أي تغوّل أو أخطاء فنية قد تُحمّله كلفة إضافية غير مستحقة.
كما تتزايد الدعوات لتأسيس هيئة رقابة ومعايرة مستقلة تشرف على عدادات المياه والكهرباء والغاز، للتأكد من مطابقتها للمواصفات ومنع تضارب المصالح بين الشركات المشغلة والجهات الرقابية. ويقترح خبراء أن تكون هذه الهيئة مسؤولة عن فحص العدادات ميدانيًا، والتعامل مع شكاوى المواطنين مباشرة وبآلية شفافة ومنصفة.
ويرى مراقبون أن استمرار الأزمة دون معالجة مؤسسية واضحة من شأنه أن يفقد المواطنين الثقة بالجهات المزودة للمياه، خاصة في ظل تكرار الاعتراضات على الفواتير وغياب الردود المقنعة من الشركات. كما أن معالجة هذه الإشكالية تتطلب موقفًا حاسمًا من الحكومة والبرلمان معًا، لإعادة ضبط العلاقة بين المواطن ومزود الخدمة على أسس العدالة والمساءلة.
ويبقى السؤال مطروحًا بقوة مع اقتراب بدء أعمال البرلمان:
هل يفتح النواب ملف عدادات "الهواء" ومراجعة سياسات الفوترة المائية؟
أم أن فواتير الماء ستبقى تُحصّل أثمانًا لما يتجاوز الماء… إلى الهواء؟